جراندل وولد مدينة الثلج

جراندل وولد.. مدينة الثلج

جراندل وولد.. مدينة الثلج

 صوت الإمارات -

جراندل وولد مدينة الثلج

بقلم - علي ابو الريش

في هذه المدينة السويسرية، جراندل وولد، يسترخي الثلج على صدر الجبل، والغيمة الفيحاء تحرس عفته، بلباقة الغريزة الكونية، والبرودة اليافعة، تلف المكان بمعطف الشفافية، والكبار يلتئمون مع فلذاتهم على السفح الجليدي، زاحفين على عجلات التزلج مثل بطارق يلونها الثلج بالفرح، وتجتاح المدينة الباردة ابتسامات عيد الميلاد المجيد، وتغاريد الصغار، مثل عصافير تفر من بين أغصان البهجة، باحثة عن فرجة تطوق مباسمها الصغيرة، بلفحات النسائم العليلة، مثل أكمام الزهور في فصل ربيعي.

وأنت القادم من تحت سقف الشمس النارية، تدهشك هذه المشاهد، وتحسد هذه الأجساد الصغيرة، كيف يحلو لها اللهو في الزمهرير، كيف لا تضم الثغور الأشبه بثقوب قناني الماء الزجاجية، كيف لا يخاف الكبار على عصافيرهم من إنفلونزا الشتاء، بينما نحن في شتائنا الفقير، نراكم الصوف على القطن، على الكتان، على ظهور أطفالنا خوفاً من التهاب اللوز، وحرارة الزكام الذي تعج به المستشفيات، لمجرد انخفاض درجة الحرارة إلى الثلاثين درجة.

لدرجات الحرارة ثقافة، كما للتعامل مع الفصول السنوية ثقافة، وثقافتنا هي ثقافة التراكم، والاختفاء خلف الملاءات الثقيلة، خوفاً من غضب الطبيعة، ولهذه الثقافة تاريخ من العلاقة غير السوية مع الطبيعة.

عندما لا تكون العلاقة ودية مع مكونات الحياة، فلا بد لك من الاختباء، اتقاء لضرر الطبيعة، وعندما لا تكون حنوناً مع الطبيعة، فإنها لا تبالي بك، وتدعك تعيش أوهامك الدنيوية، تدعم بلا حليف يضم شتاتك، تدعك عارياً من الطمأنينة.

فما أجملهم، وهم يتعاطون مع الحياة من دون مكملات زائفة، وما أروعهم وهم يختزلون الحياة بابتسامة عفوية لا يضاف إليها انكسارات ولا إحباطات، ولا أفعال الضمير الغائب، إنهم مثل الطبيعة التي تطوقهم بالبياض، ناصعين، يانعين، عجائزهم شباب في سن السبعين والثمانين، هم مثل الأشجار الخالدة، خضراء لدنة، يرتادها الطير رياناً بنضارة أوراقها الهفهافة.

في هذه المدينة، الأشياء تختال ضاحكة من أثر الحبور، وتعانق الطبيعة مع الناس، وتصافح الناس مع منجزات الطبيعة الخلابة.

في هذه المدينة، يبدو الثلج كأنه لحاف السماء على الأرض، تخبئ مفاتنها من الحسد، على الرغم من أن الناس هناك تحرروا من هذه الثقافة، وتداخلوا مع الطبيعة، مثلما تتداخل الأجناس البشرية، عندما يرتفع نداء الحب من بين الثنايا، ليعلن وحدة الوجود. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جراندل وولد مدينة الثلج جراندل وولد مدينة الثلج



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"

GMT 03:14 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير علاج عن طريق الفم لكورونا ينتظر الموافقة عليه

GMT 07:35 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

تقارير تكشف أن الذئاب تستعد لغزو "العالم المتقدم"

GMT 01:10 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

طيران الإمارات تتوقع 5 ملايين مسافر في 18 يومًا

GMT 13:07 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

صابرين تروي قصة فشلها في تأسيس وإدارة المشروعات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates