بقلم :علي أبو الريش
تستعير من النجمة بريقها، ومن الغيمة نداها، ومن الأنهار عطاءها، ومن الصحراء فضاءها، ومن الوردة عطرها، ومن الفراشة جمالها، ومن الفطرة نقاءها، ومن الأنوثة نبلها، ومن الشمس أبديتها، ومن اللغة أبجديتها، ومن القصيدة عصمتها، ومن الرواية نسقها، ومن الحياة حيويتها، ومن الآفاق مداها، ومن الأرض نجابتها، ومن السماء رفعتها، ومن الروح شفافيتها، ومن الدماء دماثتها، ومن البياض نصوعها، ومن الأحمر سؤددها، ومن الأخضر عشبتها، ومن الأسود إيجابيتها، ومن الجمرة يقظتها، ومن السعفة خيلاءها، ومن الغافة صرامتها، ومن النخلة نبلها، ومن الماء عذوبتها، ومن الحلم رؤاها، ومن فلسفة الطبيعة استعارات العفوية من دون سوء. لهذا السبب دخلت الإمارات العلم من دون تأشيرة دخول، ومن دون سؤال، لأنها اجتازت امتحان البراءة، بشفافية تعاطيها مع الآخر، وتجاوزت الحدود كالأنهار، لتصل إلى حقول الآخر، وهي محملة بالعذوبة، ممتلئة بالصفاء، مكتنزة بالوفاء.
الإمارات التي اختزلت الزمان، وصلت إلى مكان الناس، بروح أشف من رموش الغزلان، وأكثر تألقاً من نباهة الوردة، وأعظم لباقة من عينين أسطوريتين، وأجمل قامة من وارفات النجود.
الإمارات التي تربعت على عرش المحبة، كان لها ذلك، لأنها منحت الحب مدراراً، وأسخت وأعطت وفاضت حباً، حتى بدا الحب موشوماً باسم الإمارات، مرسوماً على صفحات صحرائها النبيلة، منحوتاً في ذاكرة التاريخ، منقوشاً عند منارات الوعي الإنساني، مسكوباً على ترائب الأرض، وأصلاب الجبال، مسكوكاً على نحر الحياة، منسوخاً في دفتر الأيام، راسخاً في لُب الأزمنة، شامخاً عند الأفق، طارقاً في أسماع البشر والشجر والطير، شاهقاً في أحشاء السماء، بارقاً في مدارات الوجود، ساكناً في الأفئدة مثل النبضات، راهناً في أبعاد الزمن، في الماضي والحاضر والمستقبل، ذاهباً في الفكر كأنه المطر، يروي لتنمو الأغصان، وتصير في الحياة حلم الطير، ومتكئ الثمرات.
الإمارات التي تتهجى أبجديتها النوارس، هي التي أضافت إلى معجم اللغة جملة إنسان بلا رواسب، ووطناً بلا شوائب، وأحلاماً ترعى عشباً قشيباً بلا نواكب.
الإمارات التي يستقبلها العالم بيد من غير سوء، وابتسامة مثل الرفرفة، هي المكان الذي زخرف بأناقة المشاعر، ولباقة المنطق، هي موئل الإنسان بأشرعة النبوغ، واستثنائية المَنْجز، وفرادة المعطى.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد