علي ابو الريش
عندما تسمع وترى هذا الإسفاف والاستخفاف والالتفاف في الإعلام القطري، تشعر بالتقزز والاشمئزاز، والقرف. عندما تصدمك هذه الغوغائية، وما ذهبت إليه الدهماء، والقطيع الهارب من مرابط الحقيقة، تصاب بالألم، وتسأل نفسك، كيف وصلت الأمور إلى درك سفلي أطاح الضمير، وأوقعه في مزالق ومهالك، وأوى به في منزلة الرضاعة، والانحطاط الأخلاقي؟!
وتقول: ماذا جرى للعقل حتى يغفو ويطفو على سطح ملوث بالأفكار المهشمة والأسرار التي تنبئ عن عقل مأزوم وقلب مثلوم، وروح معطلة عن بث الحياة؟!
ما نسمعه ونراه من شتائم، وسباب يعبر عن عشوائية في تناول القضايا، ويفسر أن هذا الإعلام أصبح مسكوناً بالشر المستطير، والحقد النافخ في الكير، والبذاءة الساقطة في قعر لا قرار فيه.
لماذا كل هذا الطيران بأجنحة معطوبة وإرادة مسلوبة، وإلى أي مدى يستطيع أن يحلق إعلام غشته غيمة المكابرة، والمجاهرة بالسوء؟! ما يحدث هو جرح، والجرح واسع بسعة الانهيار العقلي الذي أصاب إعلاماً لم يفكر بالواقع، ولا بالمستقبل لأن الذين يديرون دفته هم زمرة من الذين قالوا نحن ومن بعدنا الطوفان، والطوفان لا يجرف إلا الكيانات الصغيرة، وقطر بلد صغير، مهما تضخمت الأنا لدى الذاهبين إلى المجهول، ولأن قطر في محيطنا، وهي جزء منا، فإننا نشعر بالألم عندما نجد ثلة من اللامبالين، واللامسؤولين، يهربون بهذا البلد إلى المجهول، ويغرقون القارب في بحر لجي حالك الأعماق، ويستمرون في الإغراق، وهم فرحون بما يفعلون، مسرورون بما يفجرونها من بالونات في وجوههم، قبل وجوه غيرهم. حقيقة، يحزن المرء ما يشهده من انحدار مزر، يؤكد مدى الحقد الذي يكنه الغوغائيون في الإعلام القطري تجاه قطر قبل غيرها، لأن الذي يحدث هو الدفع المبرمج لهذا البلد إلى الهاوية، وجرها إلى قاع صفصف، ورغم كل المؤشرات التشاؤمية التي تدل على أن قطر لن تتحمل كل هذا الانجراف، إلا أن أعداء قطر من بنيها، مصرون على الذهاب إلى المحرقة، ولبس الأقنعة والكمامات، للتوغل في عمق الدخان، مصرون على إحراق آخر قطعة في القماشة القطرية، وتحقيق أهداف من يظهرون ما لا يبطنون، ويكنون لقطر الحقد الدفين.
يؤلمنا أن قطر قد وقعت بين أفكاك الباطنيين، والذين اتخذوا الإسلام قناعاً يخفون تحته الضمير الغائب، ويضمرون لقطر ما يضمره الشيطان لبني البشر.
يؤلمنا هذا المخدر الذي أسكر السياسة القطرية، وجعلها تحت سطوة الإعلام المغرض، تسير باتجاه الأشد إيلاماً، ولا تبالي بالنتائج ولا بالمسببات، وكلما شاهدنا الصور الخيالية التي يطلق عنانها الإعلام المريض تصيبنا الدهشة، ونقول هل هذا ممكن أن يحدث في بلد خليجي عربي، ويصبح فريسة لخفافيش الظلام، يسومونه سوء الرؤية، ويحطمون مصيره، أمام أعين الأشهاد. هذه هي مهزلة التاريخ، وأمره العجيب والمريب؟!