بقلم : علي أبو الريش
عندما نجد حاكم قطر، يلوب كأنه الطائر الحائر، بعدما أفقدته بصيرته مكان عشه، نشعر بالأذى، لأن من يحكم يجب أن يتحلى بقيم الحكم، وأهمها الحس السياسي العالي، ويجب أن يتخلص من الأنانية والذاتية المغرقة في التورم والتضخم وعتمة المسار.
ما نجده اليوم في قطر أن حاكمها ورط نفسه وورط شعبه وورط غيره، في أزمة كان بالإمكان حلها بالعقل، فما الذي يربط تميم بالقرضاوي وسواه من الجماعات العدمية؟ غير ذاك الأنا العدواني الذي لا يهنأ ولا يسعد إلا برؤية دماء الأبرياء تسيل في الشوارع والأزقة، ويرى الأيتام يذرفون دموع الفقدان، وهم يرون جثث ذويهم تذوب في مفخخات التفجير، والثكالى يندبن فقدان البنت والولد، هذه هي العلاقة التي تربط أقطاب العنف والإرهاب ولا شيء غير ذلك، ولكن الذي نريد أن نعرفه ماذا ستجني قطر من وراء هذا السعي الحثيث إلى إشاعة الفوضى في العالم ومعاداة الأشقاء، فهل تغريدها خارج السرب هو الذي سيجعل قطر دولة عظمى بحجم أميركا مثلاً؟
ولو كان حاكم قطر يفهم في السياسة على الأقل، فهل سأل نفسه هذا السؤال وقارن بين حجم القرضاوي الرجل الذي فارق الحياة منذ زمن ولم يبق منه غير يدين مرتعشتين ولسان أدلغ لا تفهم منه شيئاً سوى الإشارات المبهمة، وبين علاقة قطر كدولة صغيرة محاطة بدول شقيقة تربطها بشعبها رابطة الدم والأخوة والتاريخ، لا أعتقد أن هذا الرجل فكر في يوم من الأيام بالمصلحة القطرية، بل ذاهب في الوهم إلى ما لا نهاية، غاطس في وحل الخيال الذي لا يوازي حجم قطر كدولة بسيطة وصغيرة، لا أعتقد أن حاكم قطر فكر في يوم من الأيام أن ما يسلكه ما هو إلا سياسة رجال عصابات خرجوا من قوقعة الأحلام إلى باحات الواقع فلم يجدوا غير أنهم يرمون أنفسهم في أحضان من لا يكن إلا البغضاء، كقطر التي تؤويه، فلا يعتقد حاكم قطر أن ارتباط القرضاوي به حباً وإنما هو منفعة ومصلحة، والذي غدر بموطنه الأصلي فلن يتورع أن يغدر بتميم وغيره.