أشواق

أشواق

أشواق

 صوت الإمارات -

أشواق

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

معطف القلب ويمضي. كل امرئ يتسرب في الوجود مثل نملة تتخبط باتجاه حبة قمح، تزن أضعاف حجمها.
كل امرئ، يذهب إلى الحياة وفي حناياه أشواق ما قبل، وما بعد الميلاد، يلمس بعضها، وتتخفى بعضها تحت لحاف سميك من الذاكرة المخضوضة بمعامل الزمن. هكذا نحن لنا أشواقنا، ولنا أحداقنا، نتعلق بمشجبها، مثل قمصان الليل المبللة بالذكريات، وأحلام ما قبل النوم.
كل منا يغرق بالأشواق، مثل طيور النورس الغارفة من فيض رغباتها، وصبواتها، وصولاتها، وجولاتها وحوباتها، وحربها، وسلمها.
كل منا له أشواقه، بعضها بمخالب، وبعضها بلا مخالب، نذهب إلى الصحراء، وأحياناً الواحة، نبحث عن ركاب مروا من هنا، وخيول طافت الأرجاء نبحث عن أجنحة الفراشات التي هفهفت، على أكمام الزهور، ونبحث عن عيون الماء في أحداق من اشتاق إلى لواحظهن قلب معنى، سامه الشوق، سوء عذاب.
كل منا يمضي خلف أسئلة الليل، ويفشي للنهار، ما حدث ساعة انثيال أغرق الوادي، وساح في السفوح. كل منا يعكف على كتابه الذي بيمينه، والذي بيساره، ويقرأ ما تلاه الليل على النهار، وما شابه من سهر، وحذر، وكدر، وخدر.
كل منا تبدو أشواقه مثل سدرة في فناء القلب، تورق يوماً، وفي يوم تتجرد من أوراقها، وتذبل أثمارها، وتنحني أغصانها. كل منا يقف على قارعة الزمان، مثل غزالة برية، تاه بها الوصال، ولمعت في عينيها النصال، وصارت ما بين النهر، والأوحال، قشة تذروها الريح، وتقبض على مهجتها صورة مخلب يتربص، ويتلصص ويتفحص، بريق عينين منطفئتين.
كل منا في أطياف الأشواق، سعفة بين ذراعي عاصفة تخطف المهج، وتسرب في الوعي قتامة صبح، وجهامة ليل، وهكذا تمضي قافلة الذاكرة محملة بغبار، وسعار، وهكذا تسير ركابنا بين مضض، ورضض، وكلما أشرقت شمس، مدت أهدابها إلى ذاك الذي كان، فإذا به يبدو مثل سجادة الصوف، لم تزل شعيراتها تحتفظ ببقايا أقدام مرت من هنا، وأقدام داست على أثر، واختفت.
كل منا يخفي أسواقاً ويظهر أشواقاً، ونظل في الحياة، حزمة من هلع، وولع، وجشع، وفزع، ونزع، نظل في الحياة نحمل أدراننا، مثل الطفح الجلدي، مثل بقايا الجدري، مثل فلقة فأس في الرأس.
كل منا تطربه الأشواق، كما تشده أغنية قديمة، إلى مكان ما، أو حدث ما، أو شخص ما. كل منا رغم تعافيه من هنات الزمن، وأناته، فهو لم يزل في مخبأ الأشواق، فكرة في رأس كاهن متعبد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أشواق أشواق



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates