بقلم : علي أبو الريش
بين فترة وأخرى تخرج من بين الشقوق بعض الحشرات المقززة، وتثار حولها الضجة والعجة، ولكن لا بأس، هذا هو حال المراحل التاريخية التي تمر بها المجتمعات، يجب ألا نفزع كثيراً، بل نتأنى، ونحاول الاقتراب من المشكلة، من دون رجفات، أو هزات، وإذا كانت مواقع البث الإلكتروني قد انتشرت مثل الوباء، فهذا لا يعني أن نملأ عيوننا بالدموع، ونكنز صدورنا بالحسرة والندم، الأمر لا يستحق كل ذلك التألق، والعلاج يبدأ بمواجهة الظواهر الشاذة بقيم جديدة تصد وترد من دون بحلقة أو حملقة، فنحن نحتاج اليوم إلى ثقافة مضادة، وعلم جديد يحمل لواءه رجال من أبناء هذا التراب الغالي، رجال ينتمون إلى الوعي الجديد، وعي يتحدى ولا يغمض العينين، وعي يتحدى ولا ينكسر أمام أي هزة ضعيفة، فأعتقد أن الزعيق لا يحل مشكلة، بل يفاقمها ويزيد الطين بلة، الصراخ يجعل من الدوي مثل المفرقعات التي تصم الآذان لكنها لا تصيب السامع بأي أذى.. فنحن الآن أمام تيار جارف والظواهر سوف تتعدد وتتنوع وتزداد حدة، لذلك علينا أن نثق بقيمنا، وأن نؤمن بقدرتنا على إزالة الغبار وأن نتأزر بالإرادة لنواجه من فقدوا الإرادة وضاعوا في غياهب الأهواء والمظاهر الكذابة.
. وبداية يجب أن نعترف أن من تصرفوا بسوء نية أم حسن نية، هم شباب مراهق وأعوادهم لم تزل غضة، الأمر الذي يستدعي مننا التريث والأخذ بالاعتبار مستوى السن، وهذا بطبيعة الحال لا يعني التسامح، وإنما العلاج بما يتطلبه هذه السن من الاقتراب بتجهل والوقوف على المشكلة بعقول غير مرتجفة وقلوب غير محسوسة بالخوف، لأننا واثقون من مجتمعنا ومن شبابنا، فهذا الوطن يزخر بقيم أخلاقية ودينية تجعله محصناً من الانجراف نحو غايات الهلاك والضعف والتقوقع، وإذا حدثت بعض الهنات، فإن الجدار لم يزل سميكاً وقوياً، ومبادئنا متماسكة ووثيقة.. ومثل هذه الظواهر تحدث في أي مكان من الدنيا وفي أي زمان لأسباب مرحلية، ولكن المجتمع القوي يستطيع أن يتجاوز هذه العقبات ويذهب بقيم شبابه، بعيداً عن الانزلاقات الخطيرة.
أنا متفائل وعلى ثقة من أن شبابنا يتمتعون بمخزون ثقافي وأخلاقي يستطيعون من خلاله حماية أنفسهم من الضربات الهوائية، ودرء الأخطار عن مجتمعهم وتطهيره من كل غث ورث.. المهم أن لا نذهب بعيداً في التعليقات والتصريحات حتى لا تعطي كل مغرض وكل عديم الذمة والضمير استغلال مثل هذه الكثافة من ردود الفعل لتشويه صورة مجتمعنا.
. يجب أن نكون على وعي بما يحدث من حولنا وأصحاب الأمراض والأجندات كثر..
وما يهمنا صحة شبابنا وعافيتهم الأخلاقية، وستذهب هذه الظواهر، وستصبح مثل زوبعة في فنجان.