بقلم : علي أبو الريش
بشراك، بشراك يا أم الشهيد، إنك في الحصن المنيع، إنك في الفوج البديع، إنك في المكانة والأمانة والعناية والرزانة لأنك ابنة الإمارات ولأنك أنجبت أشرف ما في الخلق، وأهديت الإنسانية فلذة الكبد، وقرة العين، في القصيدة التي هنأ بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أمهات الشهداء، والتي جاءت تعبيراً عن هذا التلاحم، والانسجام ما بين القيادة والوطن والمواطن، هذه القصيدة عبرت عن ثقافة الإنسان في الإمارات وعن قيمه ومبادئه، وعاداته وتقاليده، التي تكرس جميعها مشاعر الحب، والود، بين كل أبناء الوطن، ومن دون استثناء، لأن الإيمان بالإنسان كحقيقة، هو الثابت في الفكر القيادي لدى قادة البلاد، الأمر الذي جعل من المشاعر كالماء في النهر لا يمكن فصل قطراته أو تمييزها، لأنها جميعها تشكل النهر الكبير الذي يجري في العروق، والذي منه استقينا الحُلُمْ والحِلمْ، والحكم والحكمة، وعندما يؤكد سموه في قصيدته أن سموه وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، هما عيال أمهات الشهداء، فلهذه الكلمات دلالة، معنوية تفوق التصور الشفهي، وتوغل في المعنى لترسخ إحساساً صادقاً مخلصاً أميناً، أن فقدان إنسان من أبناء الوطن لا بد وأن تتداعى له سائر النفوس، لأنه جزء من الوطن وليس من الأسرة الصغيرة، ولذلك عندما نتحدث عن السعادة في الوطن، لأنها سعادة جاشت من مشاعر جمعية لا فردية، ولأنها مشاعر يشترك فيها الكل وليس الجزء، وعندما يشعر الإنسان أنه واحد من كل فإنه يتخلى عن فرديته، ويخرج من عزلته النفسية، ليسبح في الفضاء الأوسع، ليذهب إلى الأفق الأرحب، ليعيش في منطقة جدران منازلها، من أيد متشابكة وقلوب متعانقة وأحلام ترسم صورة الغد على سبورة التفاؤل، من دون ريبة أو توجس، فكم هو رائع أن يمضي الإنسان في الطريق، ولديه إحساس وثيق أن كل من يصادفه هم أهله، وأخوته. هذا الإحساس فريد ولا يوجد إلا في الإمارات، ولذلك، فإن الإحساس بالأمن والطمأنينة، يأتي من هذا النهر العظيم، الذي يسقي جذور ثقافتنا، ويغذي عروق معرفتنا، يجعلنا دائماً نشعر أننا في الكون جئنا لكي نستلذ بالسعادة، ونهديها للآخرين، ونعيش الحقيقة، كما هي، لا كما يزيفها المغالطون، والمهرطقون.
نحن في الزمن الصحيح، في المنطق الصريح، نضع للتاريخ الإنسان. أجندة الجلباب فياضة بالحب، فوطن كالوردة يمنح الحب بلا شروط ينثره بلا أسباب سوى سبب واحد هو الحب وحده، وهكذا وطن لن تغيب عنه شمس الحضارة لأنها من نبع الحب ترتشف القطرات، وترتقي بالعذوبة.