بقلم : علي أبو الريش
«لسنا بحاجة إلى معركة أو سلاح، وإنما إلى فكر عميق»، هذه الكلمات التي نطق بها لسان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بعد إصدار سموه مجمع اللغة العربية في الشارقة.
نعم بالفكر العميق، نستطيع أن نلج محيط الحياة واثقين صادقين، محدقين في الأفق، مطوقين بقلائد الفرح، متدفقين مثل رقراق الماء من علو شاهق.
بالفكر وحده تحيا الشعوب، وتخلد الحضارة، وتتسع حدقة الثقافة، وتعشوشب القلوب بالحب، وتزدهر النفوس بالسعادة.
بالفكر وحده، تصير الحياة، حقلاً مزروعاً بالأمل، محاطاً بأسوار لا تتجاوزها، الشوائب ولا الخرائب.. وهكذا عودنا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي على حراسة غابة الأمل بفكر لا يعبس، وثقافة لا تيأس، وعقول لا يشوبها بؤس، هكذا هي الشارقة تشرق بالفكر النير، وتطرق أبواب المعرفة، بإبداعات لا ينضب معينها، ولا يقتضب مسعاها، إلا السكب الشامل الكامل، الذاهب بحياة الناس نحو غايات النجوم المتلألئة، ورايات الغيوم المتدفقة لذلك، فإن الحلم سيظل زاهياً، مزدهراً، وسيظل الفكر متقداً، متوحداً باتجاه الكلمة المغسولة بماء اللغة المصانة برزانة.
ودائماً وعند كل شروق شمس، تطمئن نفوسنا على مشروع ثقافي يجلل حياتنا بالفرح، ويكلل أعمارنا بقامة العبارات النبيلة يسديها لنا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، متأزراً سموه بسجايا العظماء الذين طوروا حضارة بلادهم بالعلم، ومزيد من اتساع رقعة الأفق الثقافي. ولا تبلغ الأمم، شغاف المجد إلا بوجود رجال، ساهرين على حراسة الأمل، وصيانة المنجز الإنساني، ولا ترقى الأمم، إلا برقي شعوبها التي تقبض على جمرات اللغة بعقول صافية، وقلوب حية، وضمائر لا تغفل ولا تتساهل في الدفاع عن لغتها، فاللغة هي شريان الهوية الوطنية التي تغذيها بالمعنى والمغزى، وتعزز رسوخها بالقيم الإنسانية الراقية.
مجمع اللغة العربية في الشارقة، سيكون الرافد القوي الذي يصب في نهر اللغة العربية، الواسع، وسيكون المنطقة الخضراء التي تنمو فيها طيور اللغة العربية، وترسل تغاريدها إلى العالم بهوية عربية لا تشوبها شائبة الركاكة، ولا تعكر صفوها نواكب الوهن.
وبهذا المنجز الحضاري المهم تضيف الإمارات إلى رصيد عطائها الإنساني رافداً جديداً، وهو الأهم على صعيد الهوية الوطنية، بهذا المعطى تذهب الإمارات إلى شعوب العالم بمصباح منير يضيء سماء الدنيا بلسان عربي فصيح يضع اللغة مسلمة أساسية، في صياغة الخطاب الحضاري، وفي تشذيب العلاقة مع الآخر بلغة ندية قوية لا غبار عليها ولا سعار.. إنها لغة القرآن ورسالة السماء إلى الأرض.
مجمع اللغة العربية في الشارقة هو في بدء اللغة الموجة البيضاء عند سواحل البوح، هو عين النورس الصافية في فضاءات شغفنا اللغوي.
المصدر : الاتحاد