أنت عصابي أنت مفكك أسرياً

أنت عصابي.. أنت مفكك أسرياً

أنت عصابي.. أنت مفكك أسرياً

 صوت الإمارات -

أنت عصابي أنت مفكك أسرياً

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

نظرة إلى الحياة المعاصرة، تفتح أمامنا شلال أسئلة لانهاية لها. نظرة واحدة إلى علاقتنا بالعالم من حولنا، تشير بالبنان إلى ذلك الأفق المتشقق، والذي أصبح ملاءة قديمة. كل ما كان يخيط قماشة النسيج الاجتماعي، قد تفتق، وتشقق، وترتق، وتمزق، وتفرق، وتدفق في الحياة مثل حثالة تندفع من ماسورة مكسورة. اليوم وفي حضرة التطلعات، والطموحات، والرغبات، أصبح العقل مثل العربة التي يجرها حصان أهوج.
اليوم وفي ظل هذا الاندفاع المتسارع للمركبات ذات الدفع الرباعي، وفي خضم الرمال الكثيفة، أصبح من الصعب على الإنسان إيجاد لغة تفاهم مع هذا العقل. عقلنا لم يصبح مادتنا التي تبدع فحسب، بل هو الطائرة المخطوفة التي تعبر الأجواء دون توقف ولا ميناء يفتح لها أرضاً للهبوط. عقلنا المتألق حضارياً، أصبح بفعل هذا الانبهار، مأخوذا من ناصيته إلى محيطات زعانف أسماكها مخالب، وأمواجها جبال. الأمر الذي جعل التناغم مسألة لوغاريتمية معقدة، لا يمكن حلها بضغطة زر، كما يفعل المحاسب في مصرف من المصارف العتيدة.
العقل بعدما وجد نفسه قد تجاوز حدود الرتابة والعفوية، وبعد أن تبوأ مكانة جعلته ملك الملوك على الأرض، وبعد أن ذلّلت له الطبيعة كل أسباب الترف الإبداعي، أصيب بالبله، واجتاحته موجة من الرعونة وجنون العظمة، ولم لديه الجرأة بالتوقف عن الهذيان، ولا صد السيلان المائي الذي أغرق المركب وأصبح في عداد المفقودين.
في هذا العمر الطويل من الحضارات المتعاقبة، على مدى القرون الماضية، لقد توصل العقل البشري إلى أنه سيد الكون، وأن كل ما يفعله المليح مليح، ولا راد لقضائه، ولا مانع لإرادته، ولا كابح لعزيمته، إنه العقل الذي أدبر وتولى، وأعطى ظهره لكل معطيات الطبيعة، وما تتمتع به من جلال، وكمال، وجمال، ودلال، واعتبر أن ما يقوم به هو هبة كونية، عليه أن يستغلها بهذه القناعة الزائفة، أمر العقل الإنساني بأن يفعل ما يشاء، متى شاء، وحيثما شاء.
إذن لا عجب أن نرى الإنسان يحرق الغابة، ليكسب من حطبها المال، وكذلك يفتك بوحيد القرن، ليأخذ من قرنه بضاعة تدر عليه الذهب. لا غرابة أبداً أن يشير العقل إلى الإنسان، بأن هناك شخصاً ما يتربص به، ويتأبط شراً، وعليه أن يتخلص منه. فاقتنع الإنسان وأشعل الحروب، وأبدا، وساد، ولكنه في نهاية المطاف لم يقتل إلا نفسه. لأن العصابي عدو نفسه قبل أن يعادي الآخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنت عصابي أنت مفكك أسرياً أنت عصابي أنت مفكك أسرياً



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates