عندما تكبر لحاهم

عندما تكبر لحاهم

عندما تكبر لحاهم

 صوت الإمارات -

عندما تكبر لحاهم

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

تنظر إليهم، وترى أعشاب الوجه وقد نبتت، وتشعبت، وتطورت نسلاً من شباب يافع يانع، وأصبحت أصابعهم تداعب خصلات، امتدت يراعاً صافياً، وهم هكذا يرمقونك بعيون، شع منها وميض الكبرياء، والتفوق على زمن الطفولة، والخروج من نفق الضعف، والضعضعة.
هكذا تشعر أنت في مال التأمل، للوحة تشكيلية ملونة بالزهاء والبهاء، ولكنها لا تخلو من رعونة قد تأخذك إلى التفكير، بأن الطيور التي كانت في العش، قد نبت لها الريش، وهي الآن في طور التحليق، والرفرفة، والخروج عن الطوق.
وأنت بأنانية الأبوة، تختلط في مهجتك المشققة، مشاعر الفرح، والحزن، فأنت لا تريد للطيور أن تغادر مكانها، وتفقدك السلطة الأبوية، كما أنك تسعد، كون الأفراخ قد شبت، وكبرت، ونالت حظها من القوة.
فقد تكون حريتهم، سجناً لك، ولرغبتك في التفوق والسيطرة، وقد تكون حريتهم، نافذة إلى إحساسك أنك نزعت قميص الفتوة، واحتلت من قبل زمن أخذ منك سلطة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.
أنت تبحث عن ضوئك الذي انطفأ، وهم يبحثون عن زمن يفرد عضلاته، ويخرج إلى العالم بصدور عارية من اللاءات، وأسئلة ما قبل الفحولة.
تنظر إليهم، ويخال إليك أنك أمام عصر يصنع حضارته ويصيغ ثقافته، ويشكل مزاجه، وينسج قماشته، ويحيك جلبابه ويصطاد أسماكه في بحر غير البحر الذي كنت تمخر عبابه.
أشياء كثيرة تحولت، وتفاصيل في أتون الكون بدأت ترسم صورها، وتكتب جملها، وتعبر عن روايتها، وأبطال كثر دخلوا المسرح، وعليك أن تتقبل الأمر بصدر رحب، ومن دون تذمر، أو إدانة، أو مقارنة، لأنه ما من وجه للمقارنة بين عصرين، أحدهما عاش على رمل الحاجة، وآخر صعد بسلم كهربائي، ووصل إلى شغاف الغيمة.
عليك أن تهدأ، وأن تسكن من روعك، ولا تقنط، لأن ساعتك القديمة التي تدار بمفتاح يدوي، قد ولى زمانها، وساعتهم تدور بطريقة أوتوماتيكية، ولا داعي للحسد، لأنه ليس بإمكانك أن تلحق بقطار كهربائي، وأنت تسير على ظهر سلحفاة، قطعت أوصالها، بفعل الرمضاء، وحراشف القواقع الملقاة في الطريق إلى البحر.
عليك أن تتقبل الأمر الواقع بصدر رحب، وتتأمل المشهد، بأناة، وهدوء، ومن دون وجل، أو جفول، فلن ينفع كل هذا التحديق في الماضي، فالماضي ألقى أسلحته، واستسلم للواقع، لأن الواقع أكثر ملاءمة للذوق السليم.
كن واقعياً، واحترم زمان غيرك، كي يحترموا زمانك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما تكبر لحاهم عندما تكبر لحاهم



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates