مكسيم غوركي لم يزل حياً

مكسيم غوركي لم يزل حياً

مكسيم غوركي لم يزل حياً

 صوت الإمارات -

مكسيم غوركي لم يزل حياً

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

على بعد كيلومترات من نهر موسكوف، يقطن مكسيم غوركي، حيث هناك منزله الذي تحول إلى متحف زاخر بذاكرة المكان والزمان، وما أنتجه هذا الأديب والناشط الكبير وصاحب نظرية الواقعية الأدبية.
مكسيم غوركي المتوفى في العام 1936م عاش في هذا البيت «المتحف» سنواته الخمس الأخيرة من عمره، وترك بين جدرانه رائحة زكية مفعمة بصور، ومآثر، ومشاهد، وأيقونات، تحكي قصة هذا الكاتب العظيم، وما له من قيمة إبداعية تفخر بها روسيا، كما يعتز بها العالم.
تدخل المتحف، فيقابلك غوركي بصورة عملاقة علقت على الجدار، وهو رافع يده محيياً زواره، وضيوفه الذين جاؤوا كي يقرؤوا غوركي من جديد، ويستدعوا الذاكرة، ويسترجعوا قراءة ما قدمه غوركي للناس أجمعين، وهنا في هذا المتحف، تطل روايته «الألم» من جديد، لتحكي قصة ألم عالم اليوم الذي يئن تحت وطأة العذابات التي أصابت وجدان الناس إثر النزاعات، والصراعات، ومعارك أضغاث الأحلام.
مكسيم غوركي، عندما تتأمل غرف منزله، وردهاته وممراته، تجده يصرخ في وجه العالم قائلاً كفوا يا بشر، والتزموا أخلاق الطبيعة، إنها الملهمة، والمسهبة بالعطاء، والسخاء، إنها طبيعة الأشياء التي لم تلوثها النزعات الفردية، ولم تشوهها مغانم الفرد المنعزل.
في هذا المتحف تجد فخامة المشاعر الروسية، وهي تحتفي بمبدع عظيم، ولم تثقب الذاكرة بالنسيان، ولم تهمش عطاءات هذا الكاتب، ولم تلق في مكبات التاريخ المفزعة.
في هذا المتحف، تحضر المشاعر الإنسانية بكل قوة، وفصاحة، وحصافة، لتلقي الضوء الكاشف على مفكر وقف من الحياة موقف القارئ المتمعن، والمتفحص، والمتأمل، والمعني بكل تفاصيلها، وحذافيرها، وتلافيفها، وتلابيبها معتبراً أن دور الأدب هو القوامة، والقيامة، والمقامة، والاستدامة بكل ما تعنيه الكلمة من الخوض في الأطناب، والأسباب، لذلك فإن ما تقدمه روسيا للعالم اليوم من درس في صورة مكسيم غوركي، هو أن المبدع ليس ملك نفسه، وإنما هو ملك للأمة، وللعالم، لأنه لم يتحدث عن نفسه، وإنما كان الراصد لنبضات قلب العالم، وكان الرافد لنهر الحياة، وبالتالي كان لا بد من الاحتفاظ بهذا الكائن الأسطوري، ليبقى في الذاكرة ناقوساً يدق في عالم النسيان، ولتبقى إبداعاته الصوت المجلجل في محاريب الحياة، ويبقى الأدب بصورة عامة، المحيط الذي يطوق تضاريس الوجدان الإنساني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مكسيم غوركي لم يزل حياً مكسيم غوركي لم يزل حياً



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates