المتنمر وكبوة التربية

المتنمر وكبوة التربية

المتنمر وكبوة التربية

 صوت الإمارات -

المتنمر وكبوة التربية

بقلم - علي ابو الريش

عندما تجد طفلاً يعتدي على طفل آخر، فابحث عن أحد والديه، ستجد الجواب على الجبين المعفر بغبار الغضب، والجفاف العاطفي، والتصحر الأخلاقي. فلا شيء ينتج عن لا شيء، ولا شيء يحدث بالصدفة. فحتى الصدفة هي نتيجة لالتقاء سلسلتين من الحتمية. فالبيت الذي أقفل الأبواب والنوافذ على مشاعر أشبه بنشارة الخشب، لا تنتظر منه إلا إنتاج أشباه بشر، تسومهم (الأنا) المتعجرفة سوء عذاب، ومن نشأ على هكذا مشاعر، لابد وأن يخرج إلى العالم، بمهند الغضب والعدوانية والشراسة، ولذلك ليعوض مركب النقص الذي يغتال كل نبضة قلب في قفصه الصدري. فماذا ننتظر من طفل سيق في الصباح الباكر إلى المدرسة، بيد لا تمت له بصلة، غير أنها أنيطت بها مسؤولية رعاية هذا الجسم الغريب على دمها ولحمها؟ ماذا ننتظر من طفل صحا في الصباح الباكر، ورأى بالقرب من فراشه امرأة ليست أمه، هي التي توقظه، وفي عينيها دمعة حزن على فراق فلذة كبدها الذي ينام في تلك البلاد البعيدة، وهو لم يكمل سن الرضاعة. فلننظر ماذا سيحدث من علاقة بين معلق على مشجب الإهمال، وبين فارغة القلب، مغبونة، محزونة على فراق من تركته وحيداً في وجه الحاجة الملحة، لأم تملأ فمه الفاغر بقطرة الحليب الأمومي. ننظر ماذا يحدث في هذه العلاقة الأشبه بعلاقة الشجرة والماء المالح، إنه التنافر ولا شك في ذلك. إنه الموت البطيء لعلاقة غير متكافئة ولا منسجمة. إذن كيف نرفع أصواتنا محتجين على أطفال، نشأوا مثل الأعشاب الشوكية على أرض صخرية، في صحراء قاحلة، لا ماء فيها ولا شجر؟ ماذا ننتظر غير هذا الشوك الذي بدا يدمي الحياة الاجتماعية وينهك المشاعر، ويشيع ثقافة ليست هي من ثقافة المجتمع، بل هي غريبة ومريبة ورهيبة ومهيبة وعجيبة، ولا حل لها عند هؤلاء الصغار، بل يكمن الحل بيد الذين نسوا كراسات المذاكرة التربوية، وصاروا يستخدمون براشيم مرعبة، وبلغات مختلفة، الحل عند هؤلاء الذين يعيشون ذاكرة مثقوبة، فقدت كل محتواها الاجتماعي، وإرث الطيبين من الآباء والأمهات الأولين، هؤلاء هم المدرسة التي تسرب منها أولياء الأمور الجدد، الذين انشغلوا بلهو الصباح والمساء، ونسوا أن المسؤولية الأهم والأعظم، هم هؤلاء الصغار، وليس متابعة ما تنتجه وسائل التواصل الاجتماعي من غث وسمين. ما يحدث هو إرهاب مدمر، ولكن بصيغة (حداثية) مبرمجة، لإسقاط العصافير من فوق الشجرة من ما تستخدم حجراً. ولكن عندما تغادر العصافير أعشاشها، لابد أن يحدث الضجيج ويحدث الألم. ولكن ماذا ينفع الصوت إذا فات الفوت. علينا أن نطرق الأجراس وبقوة، لعل وعسى يصحو من نام قبل أن ينفض ملاءته من الغبار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتنمر وكبوة التربية المتنمر وكبوة التربية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية

GMT 21:47 2020 الخميس ,13 شباط / فبراير

موديلات عباية مخصّرة تفضلها النجمات

GMT 08:04 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"نينتندو" تطلق لعبة "Mario Kart Tour" رسمياً لمنصتي "أندرويد" و"iOS"

GMT 02:24 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

9 أسباب تجعلك تشرب حليب القرفة كل ليلة قبل النوم

GMT 19:53 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في لبنان اليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2019
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates