بقلم _علي أبو الريش
في السر والعلن، في السلم والمحن، في الخارج، وداخل الزمن، في اللحن والشجن في صومعة الهوى، أنت فراشة تسأل الوردة عن سر العطر، وأسباب النوى، تسأل الوردة عن اللغة على لسان الطير، ساعة هطول المطر، وساعة التآخي ما بين الأوراق والجناحين، وما بين صمت الصحراء، وبوح الموجة، وما بين شهقة الحياة ونبرة الرموش، وما بين رعشة الأغصان، وبريق المقل، وما بين صهيل الجياد، وصبوة النجوم، وما بين رغاء النوق وشفيف الغيوم.
في السر أنت أنثى تبحث عن أبجدية الماء في أتون الأرض، وفي السر أنت أنثى تسأل الله كيف ترتفع إلى السماء صرخة الرعد، فينزل الغيث مدراراً، وينزل البدر، وتتفتح أزهار الشعر. في السر أنت تسألين عن فكرة الغيمة في السماء، وعن فكرة الماء في الجسد، وتسألين عنك، كيف توارى فيك البوح، وكيف نما فيك الصمت، وكيف اختزل العالم أنوثتك وكيف صرت في العالم مضغة، ثم نسخة من وريقات بلا فرع ولا فنن.
في السر أنت تكتبين رسائل عشقك، وتسردين عن الشوق، واللواعج، وأسباب الشجن. في السر أنت تجففين دموع الأسى، وتنتحبين في العلن، وتسكبين جل حثالات أزمنتك، وتغرفين من ضآلتك، وتعزفين عن الخروج من مكبات الوهن.
في السر أنت تتمادين في الحنين، وتعرضين في العلن، وفي السر أنت تفرشين سجادة القنوط، وتعلنين عن رهط العشاق، وشطط الأشواق، وتقولين ذاك زمن، وهذا زمن، ثم تشيحين بوجوم وتربطين حزام الأمان، وتعكفين على عزلة، بدت كأنها الطوق والنطاق والكفن.
في السر والعلن، أنت هكذا نقطة الصفر، في محيط متجمد، أو قمة ترتادها طيور التوحش، وأنياب الضراوة ومخالب المحن.
في السر والعلن، شيء ما يغتال فيك الأنوثة، ويميت أعشاب الحياة، فيسقط وتسقطين، كلاكما في الوجود، من نسل أخفاق محتقنة، وكلاكما تكمنان في الأعراض المزمنة، كلاكما تستنسخان عصوراً بدائية، وكلاكما في الأول، والآخر، من بذور الهمجية، في السر والعلن، يخال إليك أنك الخيل المظفرة، وأنك السيئات والمغفرة، وأنك الجريمة، والجريمة المدبرة، ولم يعترك في يوم الشك، بأن الجاني والمجني عليه كلاهما في المقبرة نفسها.