جبال الألب أسنانها بيضاء

جبال الألب أسنانها بيضاء

جبال الألب أسنانها بيضاء

 صوت الإمارات -

جبال الألب أسنانها بيضاء

بقلم : علي أبو الريش

من الشرفة تطل عليك جبال الألب، وقد نظف المطر أسنانها، فبدت ناصعة البياض تهديك ابتسامة الإشراق في الصباح الباكر، وفي امتدادها تبدو مثل أشرعة عملاقة لسفينة هائلة الهيئة، وهي ترسو على شاطئ البحيرة العظيمة.

تشعر وكأنك على مسافة قريبة من السماء، والغيمة الرمادية، تفرش لك شالاً بحجم أشواقك إلى بلادك البعيدة.
غراب بلون الليل ينقر البذور القريبة من منقاره الأصفر، وينعق، والصوت أشبه بخرير الماء النازل من أحشاء الجبال الشم، كل ما يدور من حولك يحرك أشجان الطبيعة الراقصة على أنغام رذاذ المطر.

درجات الحرارة تحت الصفر، فوق معطفك، تغزل حرير النمنمات على جلد حياتك، هنا التفاصيل تذوب مع ندف الثلج، ولا شيء يزعج الطير الهائم في سماء لوزان، هنا الأشياء مكسوة بأحلام النساء السارحات مساءً يبحثن عن شال يدفئ مشاعرهن، هنا الصغار يعبثون بالثلج مثل فراشات أنعم الله عليها بعطر الورد، ولون أجنحتها بانعكاس ما خلف الكثافة العشبية.

هنا كل شيء يمتلئ بالحب، وهنا كل شيء يزخر بالعبير، وكل شيء يعزف لحن النجوم المتلألئة في زجاجة السماء.

في الصباح المبهر، يصل إليك أزيز القطارات، ورفرفة الطير، وكعوب النابهات صحواً، الذاهبات إلى مسرح الحياة، المترفات بعناقيد النضوج.

المسافة ما بينك والخطوات، أقرب من الوريد والشريان، لا شيء يفصل الأكتاف عن الأكتاف، بل كل ما يفصل العيون عن العيون هما رمش، ولون باخضرار العشب على سفوح ذاكرة المطر. في بلادي الإنجاز يفوق تصور العقل، ولا نشتاق إلا إلى حبات البرد، كي تصفق لشوارعنا الفسيحة التي تربو إلى مسافة أبعد من النظر، نحتاج فقط إلى المطر، نحتاج إلى جبال أسنانها بيضاء، ولا شيء غير ذلك.

أطل على البعد المترامي، وأقتعد كرسي التأمل، أشعر وكأني في حضرة بوذا، والصحوة المباركة، تختزل كل الضجيج في رأسي فيقول لي مارتن لوثر كنج هنا استيقظت الكنيسة في ذات صباح، فوجدت المسيح عليه السلام يبتسم للذين يهرطقون، ويسفون، ويقول إنني أحب المذنبين، لأنهم أكثر حاجة إلى التعاطف من غيرهم، لأنهم تِعسون.

وأتذكر روسو القائل: لو آمن الناس جميعاً بما خلقه الله في قلوبهم لاكتفوا جميعاً بدين واحد دين الله. عندما تقرأ ما في سطور الطبيعة، تشعر بصواب ما جاء به فيلسوف العقد الاجتماعي، وتشكره على رجاحة عقله وسذاجة من ينبذون الآخر، ويتعالون على ما يعتقده غيرهم. الحب وحده يزرع أشجار الجمال ويزخرف الحياة بقلائد الفرح.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جبال الألب أسنانها بيضاء جبال الألب أسنانها بيضاء



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 17:08 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

"هيونداي i30 " تتحدى مع مقاعد كبيرة وسرعة فائقة

GMT 00:39 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحقق في 3 أشهر فائضاً أولياً بـ 100 مليون جنيه

GMT 10:56 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب فهمي يؤكّد أن "سيرة الحب" تتحدث عن حياة بليغ حمدي

GMT 12:07 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حاتم يقترب مِن إنهاء مَشاهده في فيلم "قصة حب"

GMT 19:02 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

للمرة الأولى فُرص عمل على "الشباب والرياضة" الجمعة المقبلة

GMT 00:15 2016 الأحد ,10 إبريل / نيسان

“النغم الشارد”

GMT 15:52 2013 الإثنين ,12 آب / أغسطس

صدور "فضيلة رائعة في مجموعة قصصية"

GMT 20:09 2013 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

مصرُ تحصدُ جائزتيّن من اتحادِ إذاعاتِ الدولِ العربيّة

GMT 04:42 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

تصميمات حمامات سباحة تناسب المساحات الصغيرة

GMT 12:55 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

مطعم سيروكو من أجمل المطاعم في الهواء الطلق

GMT 18:10 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ورش تعليمية مكسيكية تجذب الأطفال في معرض الشارقة للكتاب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates