الغيمة عباءة عملاقة

الغيمة عباءة عملاقة

الغيمة عباءة عملاقة

 صوت الإمارات -

الغيمة عباءة عملاقة

بقلم - علي ابو الريش

الغيمة عباءة عملاقة تلف الوجود، والبحيرة الغافية على خاصرة لوزان، أنثى تفيض بالشوق والتوق، والأشجار الطافية على جبين البلد الرومانسي تحرس أشواق العشاق، وتمارس رياضة الرفرفة بين الحين والآخر، والطير غارق في المبنى إلى فضاءات ما برحت تتخلى عن سهد الأمطار المشاغبة.

كل شيء هنا في لوزان، يطارد غزلان الأفكار، ويطوق الوجدان بأهداب الرقة المتنامية في ثنايا المكان، وكأنك تجوب في دائرة محيطها الحرية، ومركزها الحب، هنا في الدائرة المفتوحة على الغيمة، تجد في البرودة دفئاً، وفي الدفء خيالاً لا بتجنب حضورك، حتى وأن كنت في معمعة اللهوجة البشرية، هنا تنتابك حضرة الفكرة، وكأنها حسناء في مخمل الوجل، فتتعجل الولوج في ثقب الحكمة القائلة، «أن تهتم بالشيء تدركه، وأن تدرك الشيء تحبه، وأن تحب الشيء تكون أنت هو، وهو أنت، تكونان في الوجود واحداً»، وهكذا نتحد بالأشياء ونحن نحبها، ونكون في حضرة الحب، كالأنهار التي تصب في بحر واحد.

وهذه الغيمة، تمضي في السر والعلن، تخصب مهج الذين تذيبهم نداوة الماء المقطر من قلب الغيمة، فيبدون عناقيد الليل، تعقد حكاية النهار على مهد الليل، وتمضي في العناق حتى آخر رشفة، وتمضي الرشفات حتى آخر شهقة، وتمضي الشهقات حتى آخر نبضة، وتمضي النبضات حتى آخر ومضة، وتمضي الومضات حتى آخر رجفة، وتمضي الرجفات والبحيرة تطل على العيون من خلال أحداق الموج التأبط سر الخليقة، من بين جوانح العشب وأجنحة الطير.

السماء في لوزان، مثل شرشف تحرر من أجساد الفجيعة، وانبرى يطوي سجله بهدوء وسكينة، بينما توارت النجوم، تخيط قماشة الليل بخفوت، كأنه التلاشي الأخير، ولا يبقى غير الحالمين، وحدهم يرتلون خفقات العزلة، وخلف أستار اللون الرمادي، يبرون أقلام الكلمات التي لم تقل بالأمس، ليفصح اللسان عن خفقة لم تبح عن لواعجها، وتطرف العيون بأخبار لهجت بها الأرواح.

هنا في لوزان، وتحت سقف الغيمة الرمادية، تتسابق الأفكار، مثل حبات المسبحة بين أنامل مرتجفة، يهزها البرد مثلما تفعل الطيور بالأجنحة قبل التحليق.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغيمة عباءة عملاقة الغيمة عباءة عملاقة



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"

GMT 03:14 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير علاج عن طريق الفم لكورونا ينتظر الموافقة عليه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates