اتركا بعض الفسحات لترقص فيها رياح السماوات

اتركا بعض الفسحات لترقص فيها رياح السماوات

اتركا بعض الفسحات لترقص فيها رياح السماوات

 صوت الإمارات -

اتركا بعض الفسحات لترقص فيها رياح السماوات

علي ابو الريش

هكذا يقول جبران خليل جبران، لابد من فسحة بين الناس حتى لا تضيق الأرض بما رحبت. المتطرف، والمنعزل، والانطوائي، والمرتجف، يريد أن يكون كل الناس يشبهونه، في الصفات، والتصرفات، ما يجعل الحب غير ممكن. الزوج يريد من الزوجة والأولاد، وكل من يحيطون به أن يشبهونه. الزوجة كذلك تفعل بالمثل، ما يجعل الحياة مستحيلة، ومرة. العلاقة بين الأفراد مثل مجرى النهر إن سددت طريقه، فإنه يفيض، ويغرق ما حوله، ويؤدي إلى كوارث لا يحمد عقباها. نحن بحاجة إلى الفسح كي يمر الهواء من خلالها، ونستفيد من الهواء النقي. الانغلاق يؤدي إلى العتمة، وهذه تقود إلى العمى، والعمى يدفع إلى التعثر، وأحياناً قد تكون العثرات مهلكة، وهذا ما يحصل لكل متطرف، فإنه يريد الناس أن يحذو حذوه، وطريقه شائك ومميت، الأمر الذي يجعل الناس يتعوذون منه، وينفضون عنه، نائين بأنفسهم عن شروره. ولكن المتطرف المحتقن يتحول فجأة من متزمت إلى بغيض، وناقم، وإرهابي، لأنه لا يملك أداة أخرى غير أداة التخلص من الآخر.

هذا الكائن المتعجرف، أشبه بقط شرس، محبوس في زاوية مغلقة، فهو لن يسالم بل سيهاجم، ويستخدم مخالبه الفتاكة ليقضي على خصمه. لأنه لا يملك الفسحة العقلية، التي تبيح له التفكير برصانة، ورزانة، هو كائن مفلس، وقد فرغت جعبته من الحلول المنطقية، فلجأ إلى اللا عقل ليفض اشتباكه مع الآخر. المتطرف، والإرهابي بالخصوص، هو إنسان تعلق بفكرة، وأغلق عليه الأبواب، لكي لا يرى النور، لأن الشمس، تفضح عورته العقائدية، وتكشف كم هو ضئيل أمام العالم، وهو لا يعترف بذلك، لكونه اقتنع أنه المثال، والنموذج للعالم الحقيقي. هذه مشكلتنا مع كل متطرف جبان، إنه يخاف من الآخر، لأنه لا يملك ما يعطيه، لأنه فاقد العطاء هو

شخص تقاعد عن الحياة، وأصبح مجرد أحفورة تراكم عليها الغبار ونسي العالم تاريخ منشأها، فلا جدوى منها ولا نفع. الإرهابي جبان، هو خائف من نفسه، ولذلك عندما يقدم على الانتحار، وتفجير نفسه، فإنه يهرب من نفسه، ويختبئ في الغياب الأبدي، ليحل مشكلة السؤال من أنا؟ هذه العدمية هي مربط الفرس، وهذه العبثية هي مهبط الوهم التاريخي الذي يعيشه، كل كاره ومرتد عن الحياة، ومغتصب الفرح من عيون الناس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اتركا بعض الفسحات لترقص فيها رياح السماوات اتركا بعض الفسحات لترقص فيها رياح السماوات



GMT 19:41 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أزمات إقليمية جديدة

GMT 19:23 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قيصر روسيا... غمزات من فالداي

GMT 19:19 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المفهوم الايراني للانتخابات... والعراق ولبنان

GMT 19:14 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة مناخية ملهمة للعالم

GMT 23:17 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

ظهورُ الشيوعيّةِ في لبنان

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates