كل مشاعرنا نقوش «2»

كل مشاعرنا نقوش «2»

كل مشاعرنا نقوش «2»

 صوت الإمارات -

كل مشاعرنا نقوش «2»

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

عندما تجد شاباً يخاف من الظلام مثلاً، فتأكد أن لهذا الخوف صلة بعلاقته بأحد الوالدين. فنحن أغلبنا كان الظلام يشمل بالنسبة لنا حالة مؤسفة، ومؤلمة.
الظلام كان السلاح الفتاك الذي تستخدمه الأمهات، لردع الأبناء، وتحجيم فوضاهم، وإيقاف نزيف الرغبات، وسد فجوة نخوة الاستكشاف التي تبرز عند كل طفل منذ أن يبدأ في الحبو، واستخدام الأربعة أطراف في حركته الدائبة في أنحاء المكان الذي نطوقه بالجدران، والحواجز.
كل مشاعرنا محفوفة بالمخاوف من الزلل الذي تتخيله الأمهات، ولكن هذه المخاوف في حد ذاتها تغرس خوفاً بحجم الجبال في الأعماق. تصبح الأعماق مثل بئر قديمة، تؤمها الحشرات، وبقايا ما تتركه في القاع المهجور.
عندما يقف رجل ناضج مرعوباً من حشرة بحجم الأنملة، وينتفض، ويرتعد فاعلم أن وراء هذا الخوف، أماً أو أباً، زرعا بذرة ليست طيبة في تربة كانت مهيأة لاستقبال كل ما يدب في خواطر الآباء والأمهات.
نحن نخاف، ليس لأننا جبناء، ولأن الفكرة التي أدخلت في رؤوسنا كانت بحد شوكة وخازة، جرحت منطقة ما في وجداننا وظل هذا الجرح، مثل علامة الجدري، وظل مفعولها يطرق أذهاننا، بمطارق الماضي يوم كانت رؤوسنا بحجم البرتقالة، ومشاعرنا بهشاشة القطنة، وخيالنا بسعة العالم.
كنا نتلقف الفكرة مثلما تتلقف أفواهنا قطرات الحليب، كنا تلقائيين إلى درجة السلبية، كنا مستلبين إلى حد الاستسلام، وكان الآباء والأمهات، يمثلون الجبال الشاهقة التي نحتمي بها، ونستقي منها لغة الأحلام، كما نستلهم منهم كتابة الحكاية النهارية التي نسمعها في الليل.
الإنسان ابن بيئته، ونحن كنا في البيئة، جراء صغيرة، نختفي في الليل في الصدور الدافئة، ونبحث عن مخبأ يلف مشاعرنا، ويطوي صراخنا في فوطة التسكين كنا نرى في عيون أمهاتنا، دمعة حائرة ولا نعلم ما سر هذه الدمعة، ولكن عندما تطوينا الأم تحت جناحيها، وتقول للصغير المنطوي بين ذراعيها، نم حبيبي، حتى لا تسمعك أم الدويس، وتخطفك مني.
فيخبو صوتك فجأة، ولا يسمع إلا صوت الفم المفغور، والأنف الصغير الذي ينفث الهواء مع خرير الجدول الداخلي. الآن وأنت في الكبر لماذا يبدو ذلك النقش مثل رسمة سيريالية باهتة، لا تعرف معناها، ولكنك تمارسها بأمانة، وصدق رغم إيمانك بعظم الكذبة، ولكن قلبك الصغير الذي كبر لا زال صغيراً مهما مضغت أنت لبانة الكبرياء، وقلت أنا مقتنع بما سمعته، ولذلك أفكر فيه وأمارسه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كل مشاعرنا نقوش «2» كل مشاعرنا نقوش «2»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates