بقلم : علي ابو الريش
الأشياء تسقط عندما تموت جذورها، وتهوي الأشرعة عندما تكون خيوطها من هواء.
في ظل كارثة الوباء الوبيل، لم أسمع من مسؤول، كبير أو صغير في بلادنا، كلمة تدل على التشاؤم، أو الخوف. لم أسمع ما ينبت الفزع في النفوس.
هذه الثقة تذهب عن كاهل كل من يتابع «ترمومتر» كورونا المتصاعد في بلاد العالم الخوف والقلق، هذه الرزانة في التعاطي مع مثل هذا الحدث الكبير، تجعلنا جميعاً نشعر أننا نمتطي صهوة حصان لا تتعبه المسافات الطويلة، ولا يرهقه الصعود إلى المعالي.
هذه الابتسامة المعلقة على وجوه تشرق بالأمل، تجعلنا نسبح في مياه صافية، لا تكدرها ضحالة، ولا تغشيها نخالة.
هذه الطلعة لعيون تشع ببريق الفرح رغم الألم، تجعلنا نمتلئ بالفرح، ونطفو على سطح بارد، مثل السلسبيل، وتجعلنا نحلق في فضاءات، لا يكسوها غيم الأسى، ولا يوشحها غبار الرجفة.
هذه الإشراقات البهية، تدل على أننا ننتمي إلى جذور لا تسقطها الرياح ولا تبليها العواقب، ولا تتعبها المصاعب، ولا ترهقها النوائب، ولا تكسرها النواكب.
إذاً نحن في مأمن من الخوف، طالما سفينتنا تمضي في المحيط، والربان يشير إلى أن الشطآن قريبة، والسواحل ملأى بأمصال النجاح، والنجاة من هول ما يحدث.
إذاً نحن في مكان بعيد عن القلق، وفي منطقة مزروعة بالطمأنينة، طالما الحب يقود مركبنا، والشراع خيوطه من ذهب المعاني الرفيعة، ومجدافه من جذور لا تقبل الانحناء للعاصفة.
إذاً نحن نسكن عند شغاف السحابات الممطرة، وفي قلب النجمة نرشف شهد محبتنا، وفوق كل ذلك، نحن لن ينتابنا الخوف طالما هناك في القريب من القلب، أناس يقدمون الأرواح رخيصة، في سبيل زراعة فسائل الحياة في كل بيت، وكل غرفة من غرف حياتنا.
إذاً نحن ليس علينا إلا التعامل مع الحدث بذكاء، ومسؤولية والتزام أخلاقي، لأن ما يحيق بالآخر، هو خطر علينا، وما نحمله في صدورنا هو خطر على الآخر، فلا شيء يقع علينا إلا مهمة تحاشي الإهمال، وتلافي اللامبالاة، وتفادي الاستهتار بصحتنا، وصحة أبنائنا، وكبار السن من أهلنا، وذوينا، وجيراننا، وكل من نحتك به، أو نتعامل معه.
هذه هي واجباتنا من أجل صحتنا، ومن أجل مساعدة من يسهرون على عافيتنا، ومن أجل وطننا الذي نريده أن يكون في مأمن من كل غاشم، ولئيم، ومن كل معتد أثيم.
هذه هي الخطوة التي نخطوها تجاه الوطن، لنكون جميعاً سعداء بتعافي الجميع، وخلاصهم من البلاء الراهن.