بقلم : علي أبو الريش
دهاليز الظلام، المسافة المعتمة التي قطعتها جماعة الإخوان، من بداية التكوين وحتى ظلام التخوين. هذا ما يحاول تلفزيون أبوظبي أن يعرضه للملأ، من أجل الكشف عن الخفايا والخبايا والنوايا والرزايا التي أراد الإخوان أن يدخلوا فيها مجتمعاً آمناً مستقراً متجانساً متآلفاً متكاتفاً منسجماً مع نفسه والآخر.
في هذا الجهد الإعلامي المهني أراد معدو ومخرجو البرنامج أن يضعوا المشاهد أمام وقائع وأحداث واقعية من دون رتوش أو خدوش، أو تدخل إخراجي في ثيمة الموضوع، وهذه هي سياسة بلادنا، فالصراحة منهج، والوضوح مبدأ، ولا جدل ولا جدال، لأن الموضوع المطروح هو موضوع قيم وأخلاق وثقافة، موضوع يهم وجدان الناس، لكونه يمس الدين، والذين تلاعبوا بالدين واستخدموه مطية، كي يصلوا إلى أهداف مجافية للحقيقة، منافية للحق، أرادوا أن يهشموا الثوابت، ويحطموا الأسس، ويضربوا الدين في صميمه، عندما يزيفون ويحرفون، ويجرفون ويخرفون، ويذهبون بالقيم الإنسانية الرفيعة التي جاء بها الدين، إلى مناطق نائية وعشوائية وغوغائية وعدمية وعبثية.
اليوم وفي خضم المعترك الإنساني ما بين الفضيلة والرذيلة، وما بين الناصح والفاضح، وما بين الناجح والكابح، وما بين الهديل والعويل، وما بين الصدق والكذب، وما بين الإيمان والإدمان، وما بين الحب والحقد، كل ذلك يحتاج إلى قوة إعلامية مؤمنة بقيمة الإيمان، ومقدار الوطن في النفوس، لتواجه بصراحة وتصد بحزم، وترد بجزم، وتكبح بقوة.
ما يقدمه تلفزيون أبوظبي، نتمنى أن يعيد برنامج عمل حياة، وأن يشمل وسائل إعلام كثيرة في بلادنا، ليصبح الأمر منهجاً، وسياسة وثقافة، نعيشه دوماً، ويتربى عليه أبناؤنا، بدءاً من رياض الأطفال وحتى ساحات الجامعات، لأنه ما من قوة تهزم الفكرة، إلا الفكرة المضادة، فهي وحدها مالكة القرار، لإزالة القشة عن ظهر البعير.
نحن بحاجة اليوم إلى مثل هذه البرامج، وإلى أكثر منها وأعمق وأشمل، لأننا لا نواجه عدواً بسيطاً، وإنما هو عدو ممنهج، وبأجندة معقدة وعدوانية وكريهة.
نحن بحاجة إلى علماء دين وعلماء نفس واجتماع وفلاسفة، ومثقفين ينغمسون في المشهد، ويبحثون عن أجود الآليات، للدفاع عن مكتسباتنا الوطنية ومنجزاتنا ومشاريعنا النهضوية، هذه المعطيات الضخمة، تحتاج إلى آليات فخمة، تواجه من يريد أن يشوه ويسف ويستخف، وتضرب أرتاله في الصميم، لنحمي الأجيال من العبث، وضياع الهوية.
ما يريده أعداء الحقيقة هو إثارة الغبار في الأماكن النظيفة، والنفخ في كير الحياة، فهؤلاء الشياطين لا ترقص أجسادهم، إلا في جهنم، ولا ترتعد أبدانهم إلا في الجحيم، الأمر الذي يحتاج إلى صحوة إعلامية وجماهيرية، لكي لا تقوم قائمة لكل غاشم وآثم، لكي لا تترك منابر الصحوة، بعيداً عن أعين أصحابها، فتنقض عليها جرذان الليل وضفادع المستنقعات.