كثر الغث والرث

كثر الغث والرث

كثر الغث والرث

 صوت الإمارات -

كثر الغث والرث

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

خدعوهم وقالوا لهم هذه حرية ؟! الفضاء الواسع الذي رمحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي، ورفست، جعل أصحابها يتوهمون أن الحرية هي أن تتجاوز حرية الآخرين وأن تسيء أدب الخطاب، وأن تصبح حطاباً فاشلاً يطيح بأشجار الغابة من دون وازع ولا معرفة بأن قطع الأشجار الخضراء عمل من أعمال الشيطان.
هكذا غدت الركاب الحمقاء، تهرول باتجاه البئر معصوبة العيون، فتعثرت في الحفر السوداء، وتبعثرت، وتناثرت شظايا خارقة، أتلفت الثوابت، وتجاوزت الضوابط، وهدمت الجدران، ووقفت في عراء القيم تهدر، وتغدر، وتكسر، وتهجر منازل الوعي، مخدوعة بأضغاث الأحلام، مفتونة بالألوان الفاقعة، مجنونة بأحلام اليقظة. وهذا ما جعل الحرية المدعاة، مجرد فقاعة تلاحقها موجة هائجة، وهذا ما جعل الساحة مثل فلول قطعان تلاحق سراب صحارٍ قاحلة، وهذا ما جعل وسائل التواصل الاجتماعي مثل حشرة مذعورة يلاحقها وهم الخوف من الضمور، والتلاشي في زمن لا يقبل إلا النجوم، وسار هؤلاء خلف الأضواء الخيالية وغاصوا في الخضم الرمادي إلى درجة الهذيان، وتاهوا في بيداء حب البروز، على حساب قضايا الوطن، وسمعته، ونبل أهله، وتاريخه الناصع. سار هؤلاء يهتفون باسم الأنا المتضخمة، والذات المتورمة، والمشاعر الملونة بغبار مراحل ما بعد الفراغ.
سار هؤلاء مزملين بادعاءات، وافتراءات، وهراءات، شوهت، وسفت، وسفسفت، وتاهت، وتوارت خلف كتلة داكنة من ضباب اللاوعي، سار هؤلاء مجندلين بأغلال حب الشهرة، والصعود إلى مراتب النجومية، والتحذلق، وتسلق الأضواء مثل كائنات خيالية تائهة، سار هؤلاء وفي أنظارهم تلمع أرقام المتابعين، معتقدين أن المتابعة تعني الأهمية، ونسوا أن أي مهرج، وأي مشعوذ يمكن أن يتابعه الناس ليس للأهمية، وإنما فقط للفرجة، والتعبير عن المزاج في لحظة، فراغ، أو لحظة تتبع التفاهات، لحرق الوقت الضائع.
لا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي حققت رصيداً وافراً من الانتشار، ولكن كل شيء عندما يفيض عن الأناء فإنه ينتشر، ويسبح على الأرض، حتى الصديد، حتى الزبد، حتى مياه المجاري المتسربة من الأنابيب الصدئة.
كل شيء قد يصبح واقعاً، ولكن ليس كل الواقع يرمز إلى حقيقة الصواب.
ليس كل الواقع هو من صلب القيم السامية، ليس كل الواقع هو من صميم أحلام الناس النجباء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كثر الغث والرث كثر الغث والرث



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates