الكاتم

الكاتم

الكاتم

 صوت الإمارات -

الكاتم

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

أمر يشيع الفزع، ويجعلك عند حافة الألم الوجودي، عندما تلتقي شخصاً أشبه بلوحة تشكيلية قديمة، ضاعت كل ملامحها بسبب الإهمال. يصيبك الغثيان وأنت تلاحق كلمة غامضة تخرج من فم شخص بصعوبة، مثل الولادة المتعسرة. ينتابك الغيظ وأنت تتابع همسات أشبه بالحشرجة، تخرج من بين شفتين ناشفتين، وكأن هذا الشخص يمجّ في وجهك قشور اللب. يعتريك هاجس غريب وأنت تنظر إلى شخص وقد غرق في بحيرة من الصمت، وأشاح باتجاه عالم مدلهم غامض. تفكر في هذا الوجه الذي أمامك، تفكر في القسمات والتجاعيد والتلافيف والتجاويف والالتواءات، تفكر في كل شيء وأنت لا تحول عينيك عن هامة أصبحت جذع شجرة اقتلعت من مكانها، ورميت على حافة طريق خاو. تفكر في هذا الشخص، وتغلب عليك الظنون بأنه إنسان جاء من عالم آخر، إنسان اختلطت في عينيه الألوان، ولم يعد يميز ما بين الظلام والنور. يستفزك، ويوقظ فيك إحساساً مريباً، تحاول أن تغادره بسلام، ولكن قلبك يمسك بك، ويقول لك: لا تذهب من هنا، إنك أمام أحفورة، ربما تجد فيها ما يرتب أفكارك حول تاريخ قديم، ظللت تبحث في طياته عن بداية الإنسان الأول، وكيف كانت هيأته، وكيف كان يتخاطب مع ذويه. تبهت عندما ترى في عيني هذا الشخص وميضاً باهتاً، وكأنه بصيص مصباح يشع من بعيد. تثبت عينيك في عينيه، تتأمل الشعاع الرهيف الخافت، وتتأمل وجه الشخص، تشعر بانقباض، ويحتويك إحباط وكأنك في قبضة أسلاك شائكة. تحاول أن تنهض ثانية، ولكنك تعرض عن ذلك، وتستمر في النظر إلى الوجه الغريب. فعلت كل ما بوسعك أن تفعله، ولكن كل محاولاتك باءت بالفشل، لأنك أمام صخرة لا تلين ولا تنثني، ولأنك جئت للمكان الخطأ، ولذلك لم تفلح جهودك في فتح محارة الأمل. وعندما تكون في حضرة إنسان كهذا تشعر بتأنيب الضمير، ويخيل إليك أنك في يوم من الأيام رجمت الشمس بحجر، فانتكست، وطمست، وأصيبت بالكسوف، تفكر في هذا الخيال الذي داهمك، ولا تصدق أنك أمام كائن بشري، يثير فيك كل هذه الشكوك، ولا يفوه ببنت شفة كي يجلي عنك كل هذا الصدأ، ويريح بالك، ويجعلك في منأى من الحفر السوداء. تفكر في هذا المخلوق وكأنك أمام جزيرة نائية لم تطأها قدم إنسان، كأنك أمام كتاب قديم، كتب بلغة لا تعرفها فتفكر.. وتفكر، ولا تخرج بما فيه الكفاية من قناعة بأن من يجلس أمامك هو كائن بشري من دم ولحم. هذه نماذج بشرية، تدور من حولنا، ونحن نعتب، ونغضب، ونسغب، وننكب، عندما نصطدم بهذه الرمال الكثيفة، ولكنه الواقع، يقذف عليك مثل هذه الكتل الكثيفة من الرطوبة الخانقة، وعليك أن تقبل أو لا تقبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكاتم الكاتم



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates