بقلم : علي أبو الريش
التسول آفة وخرافة وسخافة، كي نقطع دابرها ونمنع عابرها ونردع سامرها، لابد وأن تتكاتف الجهود، ويجود كل منا بالعهود ولا يخضع ولا يركع ولا يخنع لكل مكار ختار منبوذ.. وحملة «الداخلية» لهذا المرض الفتاك، تحتاج منا الوعي، والسعي لمجابهة الخديعة بأخلاق منيعة، وتحتاج منا الصرامة في مواجهة النفوس الرديئة.
فالإمارات بلد الخير والعطاء الوثير، والمحتاجون لديهم طريق شرعية ورسمية يستطيعون التوجه نحوها، دون أن يسببوا الفوضى، ودون أن يشوهوا المشهد الحضاري لبلادنا، ودون أن يختالوا ويتحايلوا ويتمايلوا ويتساءلوا عن طرق الباطل فيقصدوها، وأبناء الإمارات تربوا على فعل الخير، ونشأوا على قيم الأخلاق الرفيعة ونصرة الضعيف وعون الملهوف، ومساعدة المكلوف، وغوث المعوز، ونجدة المحتاج، ولكنّ هناك سبلاً وأسباباً لا بد من مراعاتها، والعناية بها، وأهمها هي أن من لديه حاجة يجب أن يحترم قيم وعادات وتقاليد المجتمع الذي آل إليه، ولابد من شيء من الكرامة، يحفل بها كل معوز حتى لا يضع نفسه في مأزق الانتقاص من شيمته وشيم الآخرين، وحتى لا يقع في رذيلة البؤس وقلة البأس.. لذلك نقول إن مرض التسول، عاهة مستديمة لدى بعض الأشخاص، فهم مستعدون لأن ينتحلوا مختلف الحالات وينتعلوا شتى أنواع الحركات والتصرفات لأجل أن ينصبوا فخاخهم لضحاياهم، ويعتبرون ذلك نصراً مبيناً عندما يحققون شيئاً من هذه الحيل.. ولكن لكل داء دواء ولكل مرض وسيلة للشفاء، وأول الشفاء لهذا المرض، أي مرض التسول هو الكي، أي مواجهة المتسولين بقوة وحزم وجزم، وإبلاغ ذوي الشأن عن مثل هذه الحالات من دون رأفة أو شفقة، فمن يحب وطنه ومن يريد إقصاء هذه الآفة عن بلده، لا بد وأن يكون جازماً في المواجهة وألا تأخذه العاطفة الجياشة، وتوقعه في فخ هو في النهاية طريق إلى نشر الصور المسيئة للوطن، وتعريض الآخرين للأخطار وسوء النتائج، لأن من بين هذه الشرائح الضالة، قد تنبت أعشاب شوكية ضارة، من يتسلل من بين هؤلاء، الأفراد والحاقدون والمحترقون في نيران الكراهية والعدوانية والعدمية والعبثية، ويتسببون بذلك بالضرر على المجتمع، ولن نحصد من ورائهم غير الحسرة والندم.. إذاً قطع رأس الأفعى واجب لحماية أروح الناس، ومطاردة الغش الأخلاقي أمر يفرضه علينا الواجب الوطني والإنساني، ودرء خزي الذين لا يرتدعون لخزي الوسيلة المثلى لتنظيف الوعاء الوطني من الحثالة والنخالة والنذالة.. ورمضان يدق الأجراس، لنحتفي به ونحن في غاية الإيمان بأهمية الوقاية من أمراض القلوب والنفوس.