من يعبر المحيط

من يعبر المحيط؟

من يعبر المحيط؟

 صوت الإمارات -

من يعبر المحيط

بقلم : علي أبو الريش

لو فكرت عبور المحيط، ستجد من المعضلات ما تشيب له الأبدان. المحيط كائن هائل ومرعب، ومفزع، عندما تقف أمام الأشياء المذهلة تكون أنت الضئيل، وتكون أنت اللاشيء.

قف تمهل وتأمل، لا تتوسل، لا تفاضل بين شيئين، لا تقارن، ففي المقارنة انتقاص لنفسك عندما تقارن، فأنت تستخدم اللغة، فاللغة هي نتيجة الأفكار، وأنت تعطي للأشياء مسميات وتقدم معطيات، وتمنح، أوصافاً، ونعوتاً، وتضيع أنت في المحيط. لا تلجأ إلى التوصيف وكن بريئاً، مثل الوردة التي تشاهدها، كن مثل الطير الذي تتابع تحليقه فوق رأسك. عندما تتخلص من اللغة، فأنت تدخل في براءتك، وأنت تغوص في كينونتك. عندما تجلس أمام امرأة جميلة، فلا تصف، ولا تدخل في التفاصيل، كن كمن يقف أمام المرآة، طالع نفسك فقط، وهنا ستجد أنك متوحد مع المرأة، ومتوحد مع نفسك، ولن تكون الفارق، لن تجد ما يجعلك أن تقول هذه المرأة جميلة، أو قبيحة،لأنك صامت، ولأنك لا تملك اللغة.

في اللغة تحدث، الانفصالات، وفي اللغة، تخرج أنت من نفسك، إلى العالم بحزمة، تناقضات، تغير فيها المعاني والدلالات، وثم يصبح المحيط واسعاً، ولا تستطيع عبوره. وتكون قارباً صغيراً، سرعان ما يتهشم، تحت ضربات الموج العارم.

اللغة هي العدو الأساسي للإنسان والصمت، مفتاح الفرج، الذي يخرجك من الغرفة السوداء، التي أدخلتك فيها اللغة. كل الكائنات، ليس لها لغة، فهي متحدة مع وجودها. لم نجد يوماً حيواناً يشتم حيواناً آخر.

لم نجد يوماً، شجرة تتشاجر مع شجرة أخرى. الكائنات الأخرى غير الإنسان منسجمة مع الوجود، وتعيش بسلام داخلي لأنها لم تخترع سماً قاتلاً. اسمه اللغة. لو بقي العالم صامتاً واكتفى بالمشاهدة، لاختفى التناقض، وزال الحقد.

نحن في اللغة نخترع الأوصاف وبالأوصاف، نضع الفروق، وبالفروق، تنشأ الأنا والغير، وعندما يكون هناك غير، أو آخر تكون الأنانية، وفور ما تنبت الأنانية، تأخذ معها، مخلب تدمير الحب. الحب خارج اللغة الحب جوهر، واللغة محيط هائج، ولا يستقيم السلام مع الفوضى والكراهية. نحن نحقق باللغة، ذاتاً شخصانية، في الشخصانية نحن ندمر وحدتنا مع الوجود، والله خلق الكون في نسق واحد مثل قماشة الحرير تشد خيوطها بعضها بعضاً، نحن الذين نلون الخيوط، ونحن الذين نضع النقوش حولها، ونحن الذين نشكلها، فنشوه القماشة، ونعيد الصياغة بصياغة، رثة، وقميئة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يعبر المحيط من يعبر المحيط



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates