كاتدرائية القديس باسيل في موسكو

كاتدرائية القديس باسيل في موسكو

كاتدرائية القديس باسيل في موسكو

 صوت الإمارات -

كاتدرائية القديس باسيل في موسكو

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

ما بين مجلس الدوما، ومبنى الكرملين، تقف كاتدرائية القديس باسيل، شاهد عيان على مراحل تاريخية، زخرت بالتطورات السياسية، والأيديولوجية الكبرى التي غيرت مجرى الحياة في روسيا، منذ زمن القياصرة، إلى زمن الشيوعية، ثم البروسترويكا ثم مرحلة النشوء الجديد لروسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي.
ما يلفت النظر أن هذه الكنيسة المزدانة باللون الأحمر، والمعشق بالأبيض، تبدو وكأنها بنيت بالأمس، حيث حافظت على رونقها، ومكانتها المقدسة بالنسبة لشعب، عاصر، تغيرات مذهلة عصفت ببنائه الثقافي، والفكري والعقدي، فقد تغير كل شيء في هذا البلد، ما عدا مآثره وآثاره، فهي التي بقيت صامدة مثل نهر الفولجا العظيم.
هذا دليل على هذه الشعوب لها ذاكرة حديدية، لا تفقد مضامينها، ولا تخسر نتاجها الفكري، ولا تفرط بمكتسباتها الإنسانية، شعوب تحترم العقل، وتقدر ما ينتجه، وتضعه نصب القلب والعين.
عندما تقترب من مبنى الكاتدرائية، تشعر أنك أمام أيقونة، تأخذك إلى وجدان شعب، مليء بأشجان وألوان من القيم التي رفعت من شأنه، فأجلها، وبجلها، وجللها باحترامه، وتقديسه لكل ما هو جزء لا يتجزأ من تاريخه، وجغرافية ثقافته، تقف أمام الكاتدرائية، فتجد نفسك أمام عظمة الذاكرة عندما تكون مثل السماء تحتضن نجومها، وتمنحها البريق، ولا تدع الغبار يعلو قامتها، ولا تترك للدخان أن يغشى صفحاتها.
تقف أمام الكاتدرائية، فتجد نفسك أمام حضارة إنسانية لم يمسها غضب، ولم يلمسها نكب، إنها الحضارة التي تتمشى في الوجدان، مثل موكب الأفذاذ في طريقه إلى المجد.
تقف أمام الكاتدرائية وكأنك أمام حلم عفوي يرسم لك صورة الحياة من دون ضغينة، ولا سكين تجرح شفة البوح، تقف، فتستلهم من هذا الصمود التاريخي مدى ما للإرث الإنساني من قيمة ترتعد لها الفرائص، وترتجف لها الأبدان، لأنك أمام قيم بصرف النظر إنْ كنت من هذا الدين أو ذاك، المهم في الأمر أنك في حضرة العقل الذي لا تفلت منه الذرات التي تكون الفكرة الأساسية التي جاءت منها طوبة الحضارة الأولى.
تقف هنا في هذا المكان الذي جاءت منه فكرة أن الأنساق تتغير، ولا يتغير خيطها الرفيع الذي منه تبني الشعوب معرفتها بالعالم، وما وراءه من مراحل تطوره، ونشوئه، وارتقائه.
وكأنّ هذه الشعوب التي تحتفظ بتاريخها، تريد أن تقول بالحرف الواحد، أن كل شيء يذبل، إلا التاريخ، فهو شجرة عملاقة خالدة، لا تقبل التلاشي، مهما حدث في ثنايا هذا التاريخ، ومهما بدا من تقلب الأمواج في ذهن الإنسان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كاتدرائية القديس باسيل في موسكو كاتدرائية القديس باسيل في موسكو



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates