بقلم : علي أبو الريش
في العيد، تخلد مشاعرنا على أسرة الغياب رغم كل البياض الذي يلف أجسادنا، رغم كل النقوش اللامعة في العباءات السوداء المتحضرة.. في العيد أشياء كثيرة تشاغب قلوبنا، لكنها لا تأتي ولا يحضر غير الألم، في العيد مساحة واسعة من تضاريس أفئدتنا تبدو خالية من المعنى لأنها لم تمر على النهر حتى ترتوي من رضاب السماء..
في العيد كل الأواني مليئة إلا آنية القلب لم تزل في دواليب مطبخ الفكرة الضائعة تحاول أن تغسل بعض الأطباق لعلها تصلح لأن تستقبل من لم يجد بعد من يلهمه كيف يكون الحب عندما تدخل شمس الأيام في غسق الغياب.
في العيد، نتذكر أحباءنا وأبناءنا المجاهدين الصامدين في مساحات الشرف والكرامة تدمع عيوننا، وقلوبنا ملأى بالفخر لأنهم يدافعون عن سيادة وطن ويرفعون علم القامات الرفيعة، هناك عند ثغور النخوة العربية..
في العيد نتذكر شهداءنا الذين غادرونا بعد أن أرخصوا الأرواح من أجل النصر المبين على أعداء الحق والحرية..
في العيد نتذكر الأشياء الثمينة التي أصبحت بعيدة عن متناول اليد، ونحن هنا نتأمل الوجود وأفئدتنا مثل البحار تصب فيها كل الأنهار، ولا تصاب بالعذوبة لأننا على يقين أن الحقيقة مثل المعادن الثمينة، لا تلمع إلا إذا أزلنا عنها الغبار، وحقيقة النصر قادمة لا محالة، طالما هناك أياد ممسكة على الزناد، وطالما هناك قيادة آمنت أنه لا غفوة، ولا غفلة، لأن الصحوة واجبة، وهي الالتزام الأخلاقي والإنساني الذي تآزرت به القيادة الرشيدة.
في العيد، تغط كل الذكريات في سبات عميق إلا ذاكرتنا وهي تلبس البذلة العسكرية وعليها شعار الإمارات، هذا الشعار الذي أصبح اليوم الرمز والركيزة والأساس في الحشمة والقيمة والقيامة والقوامة.
في العيد، نفكر فيهم وفي عيوننا بريق الامتنان لهم لأنهم شرفنا، وعزنا، وفخرنا، وكرامتنا، وقيمتنا، وقيمنا، وثأرنا، وثروتنا، وبأسنا، ورأسنا، وقلبنا الذي يضم تضاريس الوطن من السلع حتى شعم.. هؤلاء هم بواسلنا وصقورنا وأجنحتنا التي تحلق في سماء العطاء والفداء والتفاني والتضحية.
في العيد، نقول لأطفالنا، ارسموا أجمل الوجوه التي تحبونها فيرسمون صور الشهداء الأبرار، ووجوه الأبطال في ساحات الوغى يرسمون العفوية والفطرة، يرسمون الحب الصافي والوجدان النقي، يرسمون ما يليق بهم أن يرسمونه لأنهم جميعاً أبناء من وقفوا في وجه الغاصبين والخونة وآكلة لحوم البشر.. في العيد لا نحزن، بل تمطرنا السماء بعذب المزن.