حنان

حنان

حنان

 صوت الإمارات -

حنان

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

نكبر، ويظل الطفل في داخلنا، يحبو ويصبو إلى قلب يملأه بالحنان. نكبر ولا يكبر القلب، نكبر وفي عيوننا ذلك البريق الأنثوي القديم، الذي ملأ فناء الصدر بشعاع أشبه بخيوط الشمس.
نكبر ولا زال الطريق إلى الأحلام الوردية يمتد بامتداد أفق المضغة بين الأضلاع الغضة، نكبر، ونحن لا زلنا في ريعان الشفة الملتهبة برضاب العفوية، وفطرة التلقي من دون عبوس أو قنوط.
نكبر، ونحن في مرحلة جنينية، عابقة بعطر الأحلام الزكية، نكبر، وتكبر أشواقنا إلى ولوج غابة الطير المحدق في السماء، ناظراً إلى النجمة، وهي ترتل آيات جمالها، ناظراً إلى الغيمة، وهي تظفر جدائلها في صباح مشرق بالفرح.
نكبر، ونحن نتأمل نبوغ الوردة، وهي تعطر أجنحة الفراشات، وتلون أفئدة الغزلان بالبهجة والسرور. نكبر ولا يكبر فينا غير التاريخ وأكاذيبه، وصوره الخيالية الملفقة، نكبر، ولا يكبر فينا غير لاءات الأمس، وهي تتراكم تحت جفوننا مثل القذا، وتغشينا ولا تحمينا من بلل الضباب، ولا غشاوة دخان المعارك العصبية.
نكبر ولا يكبر فينا غير خيال من صوروا الأعمار على أنها أرقاب في بورصة الخسائر، وهبوط مؤشرات الأسهم البائسة. نكبر ولا يكبر فينا غير خوف أم الدويس، وبابا درياه، وغيرهما من أحابيل الليل البهيم، وتصورات ما قبل بلوغ الحكمة.
نكبر ولا يكبر فينا غير صورة ذلك المدرس الذي صفع تلميذاً، لأنه لم يغسل وجهه قبل أن يقرأ قصة ألف ليلة وليلة، نكبر ولا يكبر فينا غير صندوق الأكاذيب، ويبقى الصدق في قلوبنا مثل عيني غزالة برية صافية، متعافية من درن الشوائب والخرائب والمصائب، وكل ما خلفه وهم كهنة الدجل.
نكبر ولا يكبر في داخلنا غير بقعة الزيت التي تركتها سفن الباحثين عن ملجأ، خوفاً من الخوف. نكبر ولا يكبر فينا غير الاعتقاد بأننا قادرون على الاستمرار في الحياة من دون امرأة، ترتب أشياءنا الصغيرة، من دون تعنت ولا تزمت.
نكبر ولا يكبر فينا غير إحساسنا بأننا كبرنا، وعلينا أن نطوي عباءة الأحلام الوردية، ونذهب إلى الحفرة السوداء ثم نقضي فصلاً من فصول البكاء على اللبن المسكوب. نكبر، ونكبر، ولا يكبر فينا غير هذا الوحش الكاسر، الذي نسميه جزافاً (العقل).
نكبر ولا يكبر فينا غير الغلاف الجوي المحيط بتضاريسنا الذهنية، فيملؤنا بالغبار، ولا يمنحنا غير القنوط. نكبر، ونحن بحاجة إلى طفولتنا، كحاجتنا إلى الماء والهواء، كحاجة الأشجار إلى هديل الحمام، كحاجة
الورد إلى العطر، كحاجة الفراشات إلى الشفافية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حنان حنان



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates