بقلم _علي أبو الريش
نفكر في الآخر، ونسعى إلى احتوائه، ومن ثم تملكه، وإذ لم يتحقق ذلك نشعر بالانكسار، ويعترينا إحساس بالعدمية، ونعتبر العالم يكرهنا، لأنه لم ينضو تحت جناحنا، ولم يهتم بمشاعرنا.
مثل هذه المشاعر، توقع الأشخاص في مأزق وجودي سقيم، وتجعلهم ينظرون إلى الحياة بنظرة عدائية، لأنهم بهذه الأحاسيس المريضة، يصلون إلى قناعات، أنه لا بد أن يخضع كل من يحبونه لوصايتهم، وأن يكون مثل فرخ الطير يندس تحت أجنحتهم، وهي فكرة استيلائية، ينتج عنها محو الآخر وإذابته في موقد هذا المحب العصابي.
كثيراً ما تحدث الكوارث الاجتماعية، جراء الانسياق وراء مشاعر غير ناضجة وأفكار سيكوباتية تتحول في ساعة بروز الشك إلى أنياب حادة، تمزق جسد العلاقة بين اثنين قد يكونان التحقا ببعض نتيجة علاقة عاطفية صادقة، ولكن اختلاط هذه العاطفة بعاطفة مرادفة، وهي عاطفة حب التملك، يبدأ معول الهدم في تفتيت حصى الجدار السميك الذي بني على أساس الحب.
وتتناثر الحصى في البيت الواحد، وينتشر الغبار بحيث لا يرى الفرد إلا نفسه، ورغباته الغير مشبعة، ويتصاعد دخان الحرائق المنزلية، وتهرب الفراخ الصغيرة من المنزل إلى ملاذ تعتقد أنه أكثر أمناً وطمأنينة ويشيخ ذلك الحب المبتغى، وتذبل أغصانه وتعجف شجرة الأسرة ولم تعد تثمر، بل وتبرز الأشواك الوخازة وينتهي الأمر، بطلاق عاطفي، يتبعه الطلاق الجسدي ولا تعد الفراخ تتحمل ما يحدث، مما يدفعها، إلى البحث عن رفاق، وغالباً ما يلجأون إلى الأحضان المريبة، وفي بداية الأمر، يشعرون في الانتماء إلى هذه الأحضان، ويلبون مطالبها التي تكون مثل الجمرات التي تحرق مساعيهم إلى الحياة، وبعد حين يكتشفون أنهم وقعوا في الهاوية، ويكتشف الكبار كذلك أنهم صنعوا الفخ لصغارهم من دون أن يدركوا، عواقبه، ولما يحاولون إصلاح ذات البين يكون الوقت قد أزف، وآن المركب الذي يريدون إنقاذه قد غرق، وانتشرت أشلاؤه في قلب المحيط الهائج.
حب التملك ينبت من نزعة أنانية، تعمي الأبصار، ولا يبقى أمام الأشخاص غير سياج سميك، يعزلهم عن الحقيقة ومهما بلغ بهم من مبررات، فأنها مجرد خداع بصرية نهايتها الكراهية المقيتة والمدمرة للطرف الآخر.