بقلم : علي أبو الريش
في حديثها لـ«الاتحاد» قالت الدكتورة أمل القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي، إن المجلس الوطني ليس مجلساً تشريعياً عادياً، حديث يفضي إلى سعة الوعي، ويضفي على الوعي سعة في التعاطي مع أحداث الوطن كونه أسرة واحدة، أفرادها جاؤوا من مشيمة قيم راسخة وارتبطوا بحبل الود، وحملوا الوطن على رمش وجفن، وسهروا لأجله كونه الحضن
والحصن، وهو الجذر والغصن، هو الحلم على مر الزمن هو الفن والشجن، هو النخلة والوادي المخصب بأثر الأقدام التي عكفت على بحث وحث ونث، هو القُبلة والقِبلة، هو الزهرة والسنبلة، هو الفضيلة برمتها وعرفها وتقاليدها وثوابتها وركائزها، هو الغاية والوسيلة، هو الجهد والجد والكد والحد والمد والسد، هو المكان الكائن في مكمن القلب، هو الزمان المزمن، الزائن والمزين بسجايا العشاق وخصال طوال الأعناق.
عندما يكون الوطن كل هذا وذاك، فإنه أرفع من كل الشواهق والطرائق والشقائق، هو هكذا وطن، يلف لفيفه من لفائف الناس النجباء ويرسم صورته على صفحات الماء العذب حروفاً من حرير الأشواق ولميع الأحداق، وطن هذا وضع الإنسان في المقلة، وقبله ألف ألف قبلة، ثم أطلق العنان للمشاعر كي ترعى في واحة الأحلام الزاهية، وصار العقل مجبولاً على الانحناء أمام كل خطوة أو خطة أو لقطة يكون فيها الوطن الساجع عند هامات الغصون، الناصع عند قامات الفنون وهو الباسق المتناسق، الشاهق، المتدفق، المتألق، المتأنق، الذاهب في الوعي نحو ساريات العلا، وأفراده شرايين جسد واحد، وكريات دمه، لهذا السبب فإن الوطن «تفادى فوضى الديموقراطية» كما ذكرت الدكتورة أمل القبيسي، وتحاشى كل ذلك لأن ديموقراطيته لم تأت عبر الفضاء، أو من خلال طائرة مخطوفة، إنها ديموقراطية الصحراء النبيلة، وسجية الباني المؤسس، طيب الله ثراه، وقيم خليفة الخير والعطاء، هذه الديموقراطية لم تلون بألوان عصر التلوين، ولم تضع المساحيق و«النيولوك»، هي في الأساس من نبع هذا التراب هي من طبع هذا الإنسان.
ابن الإمارات الوفي، ديموقراطيتنا منا وإلينا وفينا، هي ليست منسوخة ولا مطبوخة، ولا ملطخة بنوايا ورزايا، هي ديموقراطية البراءة والوعي العفوي، هي الجذل والعدل وجمال النفس وجلال الروح، هي مثل البحر، ممتد في المدى على امتداد أخلاق الناس الأصفياء، هي الجبل مرتفعة كما هي، ضمير الإنسان الإماراتي عن كل المصطلحات الشائكة والمتشابكة والمتحركة في المياه الضحلة، ديموقراطيتنا المكان الذي تبرز فيه الوردة لتعطي عطرها من دون شروط أو شراك الأخطبوط، هي صعود الوعي إلى مناطق التنوير، ومن دون تدوير أو تسوير أو تكوير، هي من اخضرار الشجرة أخذت اللون، ومن شموخ الجبل أخذت الرفعة ومن سمات المحيط أخذت الاتساع، ومن عيون الماء أخذت الصفاء والرخاء والثراء.. ديموقراطيتنا خرجت من جلباب مجالس الآباء والسالفين الأبرار، لذلك فنحن نكتمل بديموقراطيتنا من دون استعارة أو تشبيه أو كناية، ديموقراطيتنا هي الكفء والكفاية
المصدر : الاتحاد