بحر لوزان منعم بهشهشة البط

بحر لوزان منعم بهشهشة البط

بحر لوزان منعم بهشهشة البط

 صوت الإمارات -

بحر لوزان منعم بهشهشة البط

بقلم -علي ابو الريش

على نجود معشوشبة بالوجوه المبتسمة، يستقر بحر لوزان كأنه الحلم الطالع من بتلات الورد، وطيور البط مثل قوارب صغيرة تلاحق الموجة وترفع أسئلتها العفوية، وهي ترمق وجوه الناس اليافعين القابعين عند سياج اللقاءات الحميمة.

في هذا المكان تشعر بأن كل الأجناس ينتمون إلى وطن واحد، ألا وهو المتعة واستشفاف الكلمات المختومة بلون الموجة، من تغاريد النوارس الهائمة في فضاء لوزان، كأنها طائرات ورقية، بعث بها إلى السماء، من بين أيدي صغار عبثيين.
هنا في هذه المدينة المنتمية إلى العالم، الوادعة تحت شلالات الأخضر، المنعم بندف الثلج، المفعم بأسئلة المبهم، وعندما تقترب من أشجار الصنوبر، يداهمك الإحساس وكأنك أمام فريق من رهبان الصمت، يحتفون بالغيمة، ويصلون للمطر ويستقبلون الضيوف بهفهفة أوراق أشبه بأكف ناعمة ملساء تلمع تحت خيوط الشمس المنسحبة بأناة من بين شراشف السماء الرمادية.

في هذا البلد تبدو الوجوه مثل سحابات بيضاء، تمر من أمامك، وتمنحك الابتسامة، تمنحك الإحساس بأنك ما زلت على قيد الحياة، فطالما هناك ابتسامة، فهذا يكفي لأن تبقى الحياة محتفظة برونقها، وتبقى أنت في قلب الوجود، ترفع الأذان، وتقبل وجه الأرض، حمداً لله، بأن هناك في العالم أناساً يبتسمون، وأن المطر لم يزل يغسل أدران التاريخ البشري، ويمسح عن الوجوه تقطيبة الصباح المشؤومة.

في سويسرا، وبالتحديد في لوزان، الأشياء من حولك تبدو مثل حبات البرد، تأتي، وتذوب، فجأة ولا يبقى في الصميم ما يغث، النفس، ويرث العقل، الأشياء، تأتي وتذهب مثل النسمات ولا تخبئ تحتها ما يسيء إلى آدمية الإنسان، ويعكر صفوه.

الشوارع تبدو هادئة عند الساعة الثامنة إلا من بعض المتسكعين القادمين من شرقنا المدفون تحت ركام تفجعاته، تبدو أحلام الناس، مثل الطفولة صافية مثل النهر، بسيطة مثل الأعشاب المصفوفة بعناية في المرتفعات، والجبال الشاهقة.

عندما يقترب منك عصفور، ويدنو حتى يصل إلى ما بين قدميك، ليلتقط بذرة تائهة في فراغ المكان، تسأل نفسك، لماذا عصافيرهم تألف الناس ولا تخافهم، بينما العصافير عندنا تطير بعصبية، وتصدر أصواتاً، وكأنها تشتم الناس الذين يمرون من حولها؟ سلوكيات نحتاج إلى دراستها، لا لنفهم العصافير، وإنما لنفهم أنفسنا، لا بد وأن يكون هناك خيط مقطوع بيننا وبين هذه الكائنات الصغيرة وإلا لماذا هذا الفرار المستمر منذ بدء التاريخ حتى يومنا هذا، ولم نستطع أن نستأنس عصفوراً واحداً. أو بالأحرى، لماذا لم تستطع هذه العصافير استئناس بني آدم واحد منّا؟

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بحر لوزان منعم بهشهشة البط بحر لوزان منعم بهشهشة البط



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates