بقلم : علي أبو الريش
وجد الشعر ليكون العين والأذن واللسان، ومنذ البدء كانت للشعر صولاته وجولاته في ميادين الحياة، والتاريخ العربي خلد شعراء كانوا الصناديد والفطاحل، كانوا الموجة والساحل، كانوا الجبين والكاهل، كانوا الحلم والقلم، كانوا الثيمة في الوجدان وكانوا خير الكلم، كانوا النعم ، كانوا الجملة الفعلية في صياغة الحضارة، كانوا النهار يرتدي جلباب الشمس وينتخي بوجه القمر، كانوا المسافة الواسعة ما بين العشق والنسق، كانوا النخلة والعذق، كانوا الأشواق النازفة من معين التطلعات، كانوا الأحداق المتطلعة إلى وشاح الزمن، كانوا الأعناق الباسقة باتجاه النجوم، كانوا الآفاق الواسعة في الوجدان والأشجان والألوان والألحان.
إذاً من هنا عنيت أبوظبي بالشعر فصيحه ونبطيه والاثنان لونان للوحة واحدة، لوجه واحد لهم إنساني واحد يسعيان إلى كتابة النبضات على دفتر الألم الإنساني لأجل أن تبتسم الشفاه وتشرق الوجوه ويتحلى الإنسان باستبرق المشاعر وسندس المخابر من أجل أن يعكف الإنسان بجد ونشاط على كتابة التاريخ بحروف من شعر وكلمات لا ينالها المر.
. وأمير الشعراء أسعد وزود الشعراء بحقائب من طموحات من أجل التجويد والتجديد والتفنيد والتشديد على الصياغة بما يتلاءم مع العصر، كما أن شاعر المليون بحث بجدية في الثنايا والطوايا وأيقظ التلافيف كي تجلي عن الكاهل ما عتق، لكي يصبح الشعر النبطي الرديف المحايث للفصيح فيسير الاثنان في خطين متوازيين ويعلنان عن النحت في الذاكرة العربية واستجلاب ما يحث ويبث وينث ويسكب في الوعاء الوجداني شهد الكلمات ويضيء الليالي العربية بشموع الشعر، وشعلات السرد المقفى الموزون، كما هو العقيق والزمرد وقد تفردت العاصمة أبوظبي في هذا الميدان كجواد أرهق الصحراء، ولم تتعبه وساور النخلة عن سر البلوغ وأسباب النبوغ.. هذه قصة الذين جاهدوا من أن يصبح للشعر مكانة ورزانة وأمانة وصيانة، هؤلاء هم الرجال الذين سهروا على تلوين حياتنا بالحب وزخرفة أيامنا بعشق القصيدة وكم هي رائعة هذه القصيدة التي تعبر مياه الخليج العربي باحثة عن العالمية كأنها الزعنفة الرهيفة تخاطب الموجات برشاقة الأشواق وأناقة الأحداق، ولباقة الأعناق.
هذه هي الإرادات عندما تتألق وتتأنق وتمد للمدى ضوء المقلات الناصعة لتلقى العيون عن دروب الهوى والهوى أوطان أجمل ما فيها إنسان تخلص من عقدة التقوقع ليصل إلى العالم بجلباب تفرده فيكتب الشعر بعزيمة مثل صفحة الماء الصافي يكتب الشعر بشفافة الأجنحة الرشيقة.. هذه هي أبوظبي دائماً، في الشعر، وبه وله قصيدة عصماء أبياتها من صميم النقاء الإنساني