جنون البقر

جنون البقر

جنون البقر

 صوت الإمارات -

جنون البقر

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

في المناسبات الدينية، والعامة، يصاب البعض بجنون البقر، فلا تستطيع التفريق بين العاقل والمجنون، فكل في طريق الغوغاء يسعى، ويطرق أبواب العشوائية، ولا يترك للعقل نافذة لإطلالة واعية.

في ليلة من ليالي أيامنا السعيدة، ساقتني قدماي إلى السوق، فشاهدت ما يتراءى للنائم من أضغاث أحلام، وما يتصوره الرضع من وهم المفارقة الخطيرة للحضن الدافئ.
رأيت صراع البقاء في غابة البيع والشراء، رأيت ما يصدم العقل، وما يعدم الرزانة، وما لا يكظم الغيظ.
الناس في حشر، ونشر، والأجساد تتلاطم كأمواج عاتية، والعرق يسح بحاراً، والروائح تزكم الأنوف، تحت سطوة الرطوبة الخانقة.
تتعجب من هذه التلاطمات، والاكتظاظ، والاكتواء بضيق المسافات بين هذا وتلك وكأن المناسبة السعيدة، حلت فجأة، وداهمت الناس في لحظة مباغتة.
تسمع صفير الأبواق، وحرد المركبات التي تحولت إلى مجنزرات، تحيق بالأسماع، والأبصار، ولا تدع مجالاً للعقلنة، ولا تترك فرصة للعقل كي يفسر هذه الظاهرة المخلة بأدب الشراء، وقضاء حاجة النفس.
مظهر لا يدل إلا على ذهنية استشرى فيها داء اللهاث، وأصبحت في أغلال الاستهلاكية مثل أسماك ظلت طريقها إلى الحياة، ودخلت في شراك الصيد البغيضة.
ظاهرة تؤكد أننا لا نعرف كيف نفرح، ولا نفهم كيف نعبر عن أفراحنا، ولا نعي معنى أن نكون في مناسبة، تستحق منا أن نحترم أيامها، ونعيشها في سعادة وهناء.
ظاهرة تؤكد أننا حتى في أقصى حالات الفرح، نستدعي أحزاننا التاريخية، ونجلسها أمامنا، ونظل نحيك فستانها، بخيوط من دموع الحزن.
ظاهرة تفسر أننا بشر، نعيش دائماً الفرصة الأخيرة، وليس للزمن من قيمة في أعرافنا، ظاهرة تؤكد أننا أنانيون ألى درجة السماجة، والقبح، وكل منا يريد أن يعبر عن فرحته بطريقته التي تؤدي إلى قمع فرحة الآخرين.
وعندما تشاهد صاحب مركبة، على شكل دبابة، يركن آلته الفظيعة في مكان غير مخصص لوقوف مثل هذه المركبات، تشعر بالفزع، من نفوس بشرية، تحولت إلى أنياب حادة، ومخالب شرسة.
عندما تسمع صوت شاب في ريعانه وهو يزجر كهلاً، لأنه توقف بمركبته فجأة لأسباب مرورية، تشعر أن ما يحدث هو هروب الأخلاق إلى مناطق بعيدة عن قيمنا، وآداب احترام الصغير للكبير.
ما يحدث حقيقة يستحق الدراسة، لأجل المعالجة، والتخلص من الأدران الطارئة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جنون البقر جنون البقر



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates