نشارة خشب

نشارة خشب

نشارة خشب

 صوت الإمارات -

نشارة خشب

بقلم : علي أبو الريش

البعض من البشر مشاعرهم أشبه بنشارة الخشب، أو بالأحرى هم أموات تأخر دفنهم، لأسباب تخص حفار القبور الذي كان مريضاً. هؤلاء البشر لا يرق لهم قلب ولا تهيش مشاعر، ولا يلين خاطر، لأي طارئ يحدث في محيطهم فسائق مركبة قد يدهس قطة في الشارع، متعمداً، ويسحق جسد هذا المخلوق الضعيف، الذي ساقته الأقدار في لحظة فطرية عفوية إلى هذا المكان من الشارع ودون أدنى حس نجد هذا السائق ينظر من خلال المرآة المعلقة أمامه، مستلذاً بما يحدث للحيوان، الذي فارق الحياة لاعناً الإطار المطاطي، الذي حوله إلى خرقة ممزقة، مبلولة بلزوجة الدم الطاهر، وقد يحدث أن تقف حمامة برية عند طرف خفي من جدار، وهي ترقب كائناً بشرياً يترصدها كي يتمكن من إقصائها عن الحياة بضربة مباغتة من يد ممدودة وفي قبضتها حجر بمقدار حجم كف اليد.
هذه حوادث تحصل على مدى أيام عمر القساة الذين يمثلون نماذج لإرهاب إنساني، تخيل البعض أنه مزحة، تشيع في الفراغ النفسي مسرة لكل مختال أثيم، فقد القدرة على الانسجام مع الوجود، وتحول إلى كتلة نارية حارقة وسارقة لنبض الحياة، هذه أمثلة لإنسان اليوم، الخارج من أتون أنسنة القرن الواحد والعشرين، وهو يمضي إلى الحياة بميراث أقدم من أزمنة الغاب، ويحتفل في كل حقبة بثورات التنوير الحضاري التي فعلت كل شيء، إلا أنها غفلت عن تأديب النفس البشرية وتهذيبها، وتشذيب أوراقها الصفراء، حتى بقيت تلك النفس مثل غثاء السيل، بقيت مثل حافلة قديمة ملأ الصدأ أحشاءها، مثل قارب تهالك على سواحل النكران.
مثل هذه الأشكال البشرية، يغدو العالم وكأنه في حلم لم يتحقق مأرب صباه، لأن الإنسان الذي تحرر من عبودية الإنسان السابقة، لم يمكنه التخلص من أدوائه الداخلية، لأن الأنا لم تزل تطهو طعامها النيىء على نار أُطفِئت جمراتها، ولم يبق إلا الرماد، ومن تحت الرماد، يتغلغل لظى الحماقات القديمة، وتمضي قوافل الشر، من دون إشارات حمراء توقف هذا التهور، وتضور الوحوش الآدمية، إنه شر ينبئ بولادات شرور، تحتاج إلى معالجة اختلاجاته بحزم، حتى لا يستولد الشر شراً، ويصبح العالم في محيط الرهاب المميت.
فمن يفتك بحيوان أليف، كمن يقتل إنساناً، فلا فرق، فنحن جزء من هذا الوجود ومخلوقاته هي من سلالتنا التاريخية، وما كبرياء البشر، إلا خدعة بصرية نسجتها الأنا الواهمة.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نشارة خشب نشارة خشب



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 11:31 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 21:36 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 16:17 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

خطوات تنظيف "خشب المطبخ" من الدهونوالأتربة

GMT 15:54 2015 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 4 ألوان يمكن أن ترتديها في مكان العمل

GMT 14:13 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة البطل محمد سعد بعد تمثيل مصر في المسابقات الدولية

GMT 08:00 2012 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

وثائق ويكيليكس وأسرار الربيع العربي

GMT 16:20 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"أبوظبي للسياحة" تطلق معرض "أبعاد مضيئة"

GMT 13:20 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هطولا للأمطار الرعدية فى السعودية الجمعة

GMT 18:49 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

لوحات ضوئية عكست حالات إنسانية ووجدانية في معرض أبو رمانة

GMT 01:53 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

Falcon Films تقدم فيلم "بالغلط" من بطولة زياد برجي

GMT 14:42 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تشيلسي كلينتون تتألق في معطف أنيق باللون الأسود

GMT 00:17 2022 الخميس ,15 أيلول / سبتمبر

إيران... لا خطة «ب»

GMT 09:44 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates