ضيق

ضيق

ضيق

 صوت الإمارات -

ضيق

بقلم - علي ابو الريش

كل من لاقيته، يطفر بالضيق، ويقول لك أشعر بالكدر. ورغم كل ما يتوافر للإنسان من أسباب الترف والراحة، لا نجد ما يعكس ذلك على وجوههم. كل ذلك يبدو على الوجوه، وتعبر عنه تصرفات الأفراد، وتأوهاتهم، وزفراتهم، وشهيقهم، ونفيرهم، وتجعد جباهم، واكفهرار وجوههم، التي تصبح مثل عرجون قديم. لماذا؟! هناك حالة من الأسئلة تطرحها النفوس البشرية على أصحابها، وهي أسئلة الوجود العميقة، هي أسئلة الحياة. لماذا أنا موجود؟! عندما لا يجد الأفراد سبباً لوجودهم، وأنهم يعيشون عالة على غيرهم، وأنهم لا ينتجون مايستهلكون، فإنهم يشعرون بعدم جدواهم في هذا الكون القائم على الحركة، فكل شيء جامد، وغير متحرك، فهو صدئ، وقانط، ومحبط.

عندما ينظر المرء إلى ما بين يديه، من طعام وشراب وملبس، ويكتشف أنه ليس من صنع يديه، يشعر بالهوان، ويصاب بالذعر، لما هو عليه من سلبية وعدم الفاعلية. لا شك أننا نفخر كوننا محاطين بمن يقدمون لنا الخدمات الميسرة طوعاً وتلقائية، بمقابل مردود مادي قد لا يساوي ما نحظى به من رعاية وعناية، ولكن هذا الاعتزاز بهذه الحظوة ينقلب إلى الداخل، مثل انعكاس الضوء على العصا المطموسة في الماء، هذه

الكبرياء تتحول إلى رصاصة في قلب الوحش، فينكفئ مغبوناً، محزوناً، ويصبح الفرح الخارجي مجرد حكاية خرافية لا يصدقها العقل الباطن، بل يرفضها، ويلفظها، ويقذفها إلى الخارج مثل نوى البلح. نحن نشعر بسعادة مؤقتة كوننا نجلب إلى أنفسنا كل ما لذ وطاب، ومن دون جهد يذكر. نحن نطفو على سطح مائي مليء بالمغريات، ولا نشعر أبداً بحاجتنا إلى شيء إلا ووقع بين أيدينا مثل حبات الندى، ولكن كل هذا لا يقنع فطرتنا، التي تسعى دائماً إلى الإحساس بقيمة الأشياء، عندما تنتجها عقولنا، وتقدمها أيدينا.

الأشياء التي تأتي من خارج الإرادة الشخصية، تصبح مثل العملة المزيفة، قد تغرينا، ولكنها لا قيمة لها في الواقع. الأشياء التي لا ننتجها، لا تنتج في داخلنا غير صفار البيض الفاسد، قد نرغبه، لكنه يضر بنا أكثر مما ينفعنا.

اليوم الإنسان المتقاعد عن إنتاج ما يلزمه في الحياة، هو أسد من ورق، تتشكل هيبته من زبد المظاهر الخلابة والمتوهمة، لكنها في واقع الأمر هي مجرد سراب في بطحاء قاحلة. نحن حتى نشعر بالسعادة، يجب أن ننتج ما نحتاجه في حياتنا. المنقبضون نفسياً، هم المنبطحون على أرائك الاتكالية، هم الساهمون أمام شاشات التلفاز، من دون هدف أو غاية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضيق ضيق



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية

GMT 21:47 2020 الخميس ,13 شباط / فبراير

موديلات عباية مخصّرة تفضلها النجمات

GMT 08:04 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"نينتندو" تطلق لعبة "Mario Kart Tour" رسمياً لمنصتي "أندرويد" و"iOS"

GMT 02:24 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

9 أسباب تجعلك تشرب حليب القرفة كل ليلة قبل النوم

GMT 19:53 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في لبنان اليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2019
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates