غرور العقل المزهو بنفسه

غرور العقل المزهو بنفسه

غرور العقل المزهو بنفسه

 صوت الإمارات -

غرور العقل المزهو بنفسه

بقلم : علي أبو الريش

هل العقل وليد الضمير، أم أن الضمير منتج عقلي؟ الحديث عن الأسبقية في هذا الموضوع الجدلي، يبدو مثل الحديث عن أيهما أسبق في الوجود الابن أم الأب، الأمر الذي يضعنا أمام لحظة راهنة في حياتنا، ففي مسألة السؤال عن الأسبقية، مرت البشرية منذ عصور غابرة في محك هذا السؤال بين المعَ والضد، وعلى كل حال لا يبدو الأمر طلسمياً، كما يعتقد العقل المراوغ، بل إن الفلاسفة أمثال هوبز، وجون لوك، ثم بعد ذلك نيتشه، وجون ستيوارت ميل، وحتى عالم النفس الجليل سيجموند فرويد، حددوا المبدأ الحاسم ربما لشكل الضمير، فبعد أن كان هذا الضمير في عهدة السماء من وجهة نظر الكنيسة، أصبح الضمير في وجهة نظر فلاسفة التنوير هو من صنيع الذات الفردية لدى نيتشة وفرويد، أو هو من نتاج القيم المجتمعية من وجهة نظر لوك وهوبز، وكل تناوله بطريقته، مع الاقتراب من المبدأ الأساسي، فالضمير المعذب، والشاك لدى نيتشه، هو نفسه الضمير الوحشي لدى فرويد، وهو أيضاً نفسه الضمير القائم على البنى الاجتماعية التي تضعه في مقابل الذات الفردية، ونخلص من هذه التعارضات أن هناك كائناً نائماً، وأحياناً يقظاً اسمه الضمير، هذا الكائن هو المحكم، وهو الشاهد على أفعالنا، والسؤال الآن هو، ما الذي يجعل من هذا الضمير يسمح، أو هو الذي يرتكب الكثير من الأفعال الشنيعة، دون أن يرف له جفن، ثم ما الذي يجعل هذا الضمير نفسه يؤنب ويعذب ويكرب، ويكذب أحياناً ويخاتل، ويجادل ويقاتل، أي أنه يقوم بكل هذه الأفعال المتناقضة في لحظات زمنية متوالية، وقريبة إلى حد ما؟ الإنسان كائن مزدوج الأفكار والمشاعر، وهذا ما يجعله يعيش الشقاء مهما بذل من حروب لأجل كسب السعادة، إنه المخلوق الوحيد الذي منح فطرة البكاء والضحك، ولذلك فهو امتلك قدرة المراوغة والجدل والاحتكاك بالممكن والمستحيل، ما يجعله الفراشة الحائرة تحت وطأة الريح، وهو الملاحق بمخلب الأسئلة المبهمة والرغبات العارمة، ويبقى الضمير بأي حال من الأحوال صنيع كل هذه المتناقضات، ومهما بلغ بالعقل من نباهة يبقى عاجزاً عن تفسير البذرة الأولى لتكون الضمير، كونه يحمل جينات كل هذه المتناقضات الدينية والدنيوية.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
  نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غرور العقل المزهو بنفسه غرور العقل المزهو بنفسه



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"

GMT 03:14 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير علاج عن طريق الفم لكورونا ينتظر الموافقة عليه

GMT 07:35 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

تقارير تكشف أن الذئاب تستعد لغزو "العالم المتقدم"

GMT 01:10 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

طيران الإمارات تتوقع 5 ملايين مسافر في 18 يومًا

GMT 13:07 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

صابرين تروي قصة فشلها في تأسيس وإدارة المشروعات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates