تسامح مع نفسك تتسامح مع الآخر «1»

تسامح مع نفسك تتسامح مع الآخر «1»

تسامح مع نفسك تتسامح مع الآخر «1»

 صوت الإمارات -

تسامح مع نفسك تتسامح مع الآخر «1»

بقلم : علي ابو الريش

حدث أن نادت ثورات، ونظريات، وأفكار بالتسامح مع الآخر، وسارت في طريق تنفيذ ما ادعته وما دعت إليه، وتشدقت به، وتحذلقت، وفصلت، وفسرت، ولكن كانت النتيجة طغياناً وبهتاناً وافتتاناً بما حققته من إنجازات على الصعيد المادي، ما أدى إلى المزيد من التضخم الذاتي، وتمزق الشراع الذي لم يصمد أمام الانبهار بمشاريع وهمية، وخرافية، فارتد الرمح في صدر الرامي، وانتكست أعلام التسامح لتصبح مجرد أوهام في عيون النيام، وصارت العلاقة مع الآخر، مثل علاقة الموجة الهائجة بالسواحل الوادعة، تأكل، وحفر في الأعماق. إذا لم يستطع الإنسان التسامح مع نفسه، فإنه من العسير الوصول إلى الآخر من دون زبد، وكمد.
ففاقد الشيء لا يعطيه، ومن لا يحب نفسه لا يستطيع حب الآخر، فأصل الحب هو أن تكون محباً، وعاشقاً للحياة، ومن يعشق الحياة، يعشق من يعيش فيها، ويتربى على ترابها. حب الذات لا يعني الأنانية، بل إن الأنانية هي تدمير داخلي، وكراهية مبطنة للنفس، قبل كراهية الآخر.
التاريخ مليء بأمثلة كره النفس، فالذين كرهوا الآخر، واستعلوا، وترفعوا، واستكبروا، وتمادوا في التعالي، انتهوا إلى الفتك بالذات.
لقد انتهت الكراهية للآخر بهتلر إلى الانتحار، وكذلك الروائي الأميركي الأشهر، فعلى الرغم من بلاغة إبداعاته الإنسانية الرائعة، إلا أن هذا الجميل إبداعياً، انتهى به الأمر إلى الموت منتحراً، لماذا؟ لأن أرنست هيمنجواي، لم يكن سوياً في حد ذاته، بل إن الإنسانية التي كان يبرزها في رواياته، تخالف ما كان يخالجه في الداخل، أي أن في أعماق هذا العبقري، تكمن بذرة الكراهية لشيء ما، أو لكائن ما، ما جعله في لحظة معينه يقدم على الانتحار، وينهي تاريخه الإبداعي بمأساة مجلجلة، كشفت عن نزلة كراهية حاول أن يخفيها بين دفات أعماله الروائية، ولكنه لم يستطع، لأن كمية الكراهية كانت أقوى من قدرته على الاختباء وراء المشاعر الملفقة.
كي نحقق التسامح المطلوب، فنحن بحاجة إلى قدرة فائقة في التسامي أولاً، وإلى مساحة واسعة من الأنهار التي تغسل هذا الدرن التاريخي الذي أصاب الإنسان منذ أن خرج من الغابة، وسكن المدينة، وما أشعل الصراع المرير بين هذا وذاك، وبين هذا وهذه.
نحن بحاجة إلى نفض هذا الغبار وإلى تنقية السجادة من عفن التاريخ، ونفض الملاءة من بقايا سبات عميق، لوث قماشة الوعي، وجعلها خرقة بالية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسامح مع نفسك تتسامح مع الآخر «1» تسامح مع نفسك تتسامح مع الآخر «1»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates