بقلم : علي أبو الريش
لا تبحث عن السعادة، فهي موجودة، أزل التعاسة التي هي القشرة التي تغطي البذرة. كن موجوداً في قلب الوجود، ستجد السعادة، فهي أنت، وما التعاسة إلا هم.
عندما تكون أنت، عندما لا تنظر خارج ذاتك تجد السعادة، ترفرف بأجنحة الفراشات زاهية مثل الوردة، تقول لك هيت لك. التعساء، هم أولئك الذين زيفوا، وخسفوا، ونسفوا واستخفوا، وتأففوا، ورافقوا، المقارنة حتى آخر نظرة، منكسرة، فانحسروا، واندحروا، وتواروا خلف حجب الزيف، والحيف، والسخف، ولم يجدوا هناك غير اليباب لم يعثروا، على ذواتهم؛ لأنها تلاشت في غيبوبة المقارنة، وتقليد الغير.
نحن نولد والسعادة في عمق وجودنا، لكننا عندما نخرج من وجودنا، باحثين عن صورة مزيفة لا تشبهنا، فإننا نفقد أصالتنا، ونخسر جوهرنا، ونصبح مثل محارة جوفاء، نصير مثل سعفة صفراء، وتبدو في اللاشيء قشة، تطيحها موجة هائجة.
السعادة هنا، في الداخل، فقط علينا أن ندخل هذه الغرفة، ونضيئها بوعينا، ليصبح الإدراك الحصان الذي يقود العربة. لم يخلق إنسان تعيس على وجه الأرض، بل الإنسان هو الذي يصنع تعاسته، بانتمائه إلى لا وعيه المضلل، كل إنسان يأتي إلى العالم وفي جعبته حقيبة السعادة، ومتى ما فقدها، فلنتأكد أنه غاص في اللاوعي الذي جلب له كل الكم الهائل من الأوهام، والتطلعات، والرغبات، هذه الحزمة من الركام كفيلة بأن تضيع الإنسان، وتجعله فريسة لأنياب التعاسة. وقد يقول قائل وهل سيسعد، المعدم؟ هل سيسعد المقعد؟ هل سيسعد الفاشل في العمل، أو الدراسة، أو أي مهنة؟ أقول نعم، وألف نعم؛ لأن الإنسان عندما يعيش بإمكانياته، وقدراته، دون المقارنة بالآخرين، يصبح فرداً خارج الضغط الاجتماعي، وبعيداً عن جاذبية التمظهر الخارجي.
فكن أنت من دون الصور الخيالية التي يزرعها اللاوعي، ستكون ملكاً، ستكون نهراً لا تلوثه الأفكار.
عندما نخرج من الأفكار، فإننا نغادر الأوكار، ونكون طيوراً أجنحتها من حرير السعادة. قد يكون الأمر صعباً لدى بعض الأشخاص، لأنهم منغمسون في الأنا؛ لأنهم لم يخرجوا بعد من الغرفة المظلمة، ولكن عندما يطلوا من نافذة الوعي، سوف يجدون الحياة مختلفة، الحياة خارج اللاوعي، مبهجة، وزاهية، وعطرة.
الحياة خارج اللاوعي مثل النهر الجاري، لا تستوطنه الملوثات لأنه متحرك، والوعي كائن لا يقبل السكون، ولا تستولي عليه رائحة المستنقعات.