الأنا والـ نحن

الأنا والـ "نحن"

الأنا والـ "نحن"

 صوت الإمارات -

الأنا والـ نحن

بقلم : علي أبو الريش

الأنا فناء ضيق، ورث، وقميء، ولأنه كذلك، فإن الهواء فيه فاسد، والتنفس فيه يحدث بصعوبة، وأحياناً لن يحدث، مما يؤدي إلى الوفاة.

الأنا هو حصيلة تصورات وهمية، توحي للإنسان أنه شخص عظيم، وجبار، وقادر أن يقهر، أصعب الظروف بمفرده، ومن دون عضيد يسند ظهره، ويثبت خطواته ويثق عروته.

الأنا مثل صورة العصا في الماء، معوجة غائمة، نائمة على وسادة وعي قادم من أحلام شخص أتعبه السير طويلاً بين الأحراش، وغابات التوحش.

الأنا لا يعطيك إلى نصف الكأس الفارغ، ليجعلك دائماً تبحث عن الماء، ويجعلك تظن أن الحياة مجرد صحراء قاحلة، تحيطها أشجار جرداء، ولأنك كذلك، فأنت في عزلتك الأنوية، تحقن صدرك بنفايات الكراهية ضد الآخر، وتصعد جبل الركام الأخلاقي، وتظل تلعن الظلام، وتفتك بأيام مولدك، وتاريخ مجيئك إلى الحياة، وتوجه اللعنات، والاتهامات إلى الآخر، معتقداً أنه هو الذي دخل غرفة المولد الكهربائي، وأطفأ النور ليجعلك تلهث خلف الحجب، السوداء.

الأنا مثل المحارة، فرغت من كائنها الحي، وألقيت على الرمل لتسحقها أشعة الشمس اللاهبة، وتلهو بها أيدي العبث.

الأنا كتلة من الجحيم، تكورت داخل وعاء محكم الإغلاق، بحيث لا يدخلها هواء، وما أن تقترب منها يد، حتى تحيلها إلى بقعة سوداء محترقة، لا نبض فيها، ولا حياة.

الشخص الأناني فارق الحياة منذ أمد بعيد، ولم يبق منه سوى صورة كائن كان هنا ثم رحل.

الشخص الأناني لأنه لا يحب إلا نفسه، فإنه غادر منطقة الأمان، وأصبح متوجساً، مستريباً، مرتجفاً، أعجف، خاوياً، هو هكذا بلا معنى، ولا معنى لحياته، ولا قيمة لوجوده، وبالتالي فإن هكذا شخص، فهو ينمو على الكراهية، ويتسلّق على أدراجها، ويطفو على مياه مستنقعاتها، ويغفو في مخدعها الرقيع.

الشخص الأناني يصبح في وسط المجموع، مثل النتوء، مثل البقعة السوداء على صفحة بيضاء، يصبح مثل الشوكة في قاع القدم.

الشخص الأناني صيد سهل للأفكار العدائية، والبغيضة، لأنه لا يكن للآخر غير الحقد، فما الذي يردعه عن فعل كل ما يدمر الآخر، ويقضي على حياته.

الشخص الأناني، منعزل إلى درجة العدمية، فهو لا يرى شيئاً أمامه، وبالتالي سوف يمضي إلى حيث يريد، وحيث تدفعه أنانيته، وفي طريقه إلى ما يريد، سوف يدهس الأحياء، كما تجرف الآلة الأعشاب الخضراء، سوف يمر، دون يضع في الحسبان أن في الطريق ألى الحياة، هناك علامات تشير إلى التوقف، كي يمر الآخرون، وفي هذه الحالة، فإنه سيصطدم بجدار الآخر، ويحدث ما لا يحمد عقباه.

الشخص الأناني كائن نافر، لا يصلح للحياة.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأنا والـ نحن الأنا والـ نحن



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates