للزمن مخالب الشيطان

للزمن مخالب الشيطان

للزمن مخالب الشيطان

 صوت الإمارات -

للزمن مخالب الشيطان

بقلم : علي ابو الريش

لو التقيت بصديق لم تره عيناك منذ زمن، لأسباب الغربة الاجتماعية، وتأملت وجهه واكتشفت أنه ليس الصديق الذي عرفته منذ نعومة الأظافر.

لو استمعت إلى بوح لسانه، ولمست في البوح أعوجاجاً، وغلظة. لو نظرت إلى تصرفاته، ووجدت فيها ما يشبه الجدول الذي ضل مكان الشجرة.
لو فكرت ملياً لماذا خطر على بال الصديق أن يجلس على مقعد غير مقعده، ويصر على أنه موئله الذي ورثه أباً عن جد. لو حدث كل هذا أمام مرأى ومسمع من ذاكرتك التي لم تزل تحتفظ بالصورة الأصلية لهذا الصديق، يوم كنت، وكان هو.
سوف تلتفت إلى الوراء، وتظل تنبش في الأدراج القديمة التي خبأت وجه الصديق، وأظهرت وجهاً غير الوجه الذي تعرفه. سوف تشعر بالفزع، ويصيبك الغثيان، وقد تقع على الأرض مغشياً عليك. ولكن هل هذا من العقل أن تصبح أنت في حومة الأسئلة، دون أن تضع أصبعك على ضوء القمر، وتقول حقاً إن للزمن مخالب الشيطان.
ولكن هل هذه هي الحقيقة. هل للزمن مخالب، أم أن للعقل مثالب تقوده لأن يخرج مما يعرشون، ويهيم في البيداء باحثاً عن مآل غير مآله، وأن يصبو إلى منازل التشبه بالحرباء كي يخفي الإنسان الكثير من تشوهاته، والبثور التي ملأت وجهه جراء ما ناله من صدمات اجتماعية، وإخفاقات في حياته اليومية، وهو في الطريق إلى النهر.
عندما تجد صديقاً، قد بلغ مبلغ الوهم، وقد صعد الجبل متحزماً بخيط إبرة، فلا ترتجف، ولا تستخف، ولا يكتنفك السخط، لأنه ما من شخص منا إلا ويصيبه هذا الغبار ولكن الفرق بين شخص وآخر، هو البوصلة، وهو رمانة الميزان.
عندما تختل المعايير يصبح الانحراف أمراً بديهياً، وواقعياً، لأنه ما من قدرة تستطيع أن تحفظ الود مع الاتزان إلى بوصلة العقل، فإن زلت توارت المقاييس وأصبح الإنسان في مهب ريح عاتية، وفي حضرة موجة عارمة، تموج به رغبة الانفلات من عقال التوازن، وتطيح به نزعات الخروج عن نطاق الواقعية.
الزمن أيام، وليال، وسنون، وقرون، وليس أكثر، نحن الذين نلون الأيام بالألوان التي نريدها، ولكن عندما تزل ريشة التلوين عن مكانها الصحيح، نصيح نحن ونقول هكذا فعل الزمن.
هذه خُدَعنا البصرية التي تقذفنا في قلب المحيط، وتتركنا نعوم على ظهر موجة مخادعة، فنغرق في خضم تصوراتنا، ونهلك في جحيم خيالنا، ولا نرفع أبصارنا إلا على قائمة من الفتات التي تفرقنا عن حقيقتنا، ولا تجمعنا.
نحن في الذهاب إلى يوم الغد نحمل في جعبتنا حزمة من الأمنيات أغلبها مجرد نشارة خشب، هذه هي التي تعرقل وصولنا إلى الحقيقة، وبالتالي نصبح مشوهين، مثل سلعة مقلدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للزمن مخالب الشيطان للزمن مخالب الشيطان



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates