المرأة والماء في الماضي

المرأة والماء في الماضي

المرأة والماء في الماضي

 صوت الإمارات -

المرأة والماء في الماضي

بقلم : علي أبو الريش

للمرأة عينان، عين الجسد وعين الماء. في الزمن الجميل ذهبت المرأة للماء بعين الجسد رمت أحلامها عند النبع، ثم حملت الصفيحة متأبطة أنوثتها المقدسة بحشمة التراب النظيف، رابطة مئزرها بقماشة الحياء النبيل، واثبة مثل غزالة برية، ناحتة على الأرض الحصوية خطوات أشبه بنقش الحناء، رافعة نشيد الصحراء عالياً، مثل الهديل. كانت تقف كتفاً بكتف مع الهامة الثقيلة مؤازرة ومساندة ومؤجلة آلام الحمل، وهي ترفل بجمال الطلعة ونبل السجية، ونجابة أهل الإمارات.

في الطريق من عين الماء، كانت عيناها تشعان ببريق الحلم، ولمعة الطموح بأن يصبح الماء مغزلاً يرتب مشاعر الصغار الذين ودعتهم تحت سقف الخيمة تحميهم من المباغتة وتدفئهم من برد الشتاء. في كل صباح وقبل شروق الشمس كانت المرأة تحدب وتحلب وتجلب الابتسامة لصغار ما فتئوا يتوارون خلف شق تمرة تعيد للدورة الدموية نشاطها كانت المرأة تعود إلى البيت وعلى رأسها حطب النار وقلبها يضخ من أشواق النهار لطائر تنتظر عودته كي يملأ فراغ الوعاء الداخلي بكلمات الشكر والعرفان وشيء من غزل الروح، وأطرافها الشفيفة.

تلك المرأة التي رتبت عش الزوجة، بنفثة عشق وقطرة ماء ورح لا تكف عن الرفيف، وهي تقترب من هزيع الليل، وفي الليل هي المرأة النائمة عند خاصرة الظلام الدامس تتذكر كيف ستغسل في الصباح وجه الصغير والماء لم يزل يشح في تدبير ما يمكن الكفاية به، تفكر ولكن عين الجسد منصوبة باتجاه عيون الماء، الماء هناك في مكان يبعد مسافة تزيد عن سبعة كيلومترات أو أكثر، عن مخدع الصغار، ولكن مهما يكن من أمر الشقاء إلا أن لذة العيش في أن تكون هي الضلع المستقيم في الأسرة تدبر وتسبر وتبسمل دائماً، وباسم الذي خلق، بأنها لن تكف عن الوثب على الحصى لتمكن الصغار من العيش بهناء وسعادة، ولتؤكد لرب البيت أنها جديرة بأن تقطف ثمرات من رمل الصحراء من بيداء الحياة، لأنها خلقت لأن تنجب الأمل وتحبل بالطموح وتملأ العين من نبوع العين، وهي ما بين العينين جفن لا يرمش باليأس، وشفة لا ترتجف خوفاً لأنها هكذا خلقت لأن تكون النبع الذي لا ينضب، والوجه الذي لا يقضب.

لهذا السبب، فإن الإمارات ستظل عين ماء وعين عطاء لا يجف ولا يكف ولا يخف، بل يشف بالانتماء إلى العطاء.

هذه هي الإمارات، التي جادت من جود من أجاد في تجويد قراءة الرمل وترتيل ما نسقته العين للعين، حتى أصبحت للعين معين يعين ولا يستهين ولا يستكين. عين امرأة ضمت تحت جفنها حب الوطن وعين ماء غسلت الأفئدة بعذوبة القطرات، وهي تنفث من دلو البلل الأصيل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المرأة والماء في الماضي المرأة والماء في الماضي



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates