توبيخ «2»

توبيخ «2»

توبيخ «2»

 صوت الإمارات -

توبيخ «2»

بقلم : علي ابو الريش

عندما يخرج إلى العالم طفل بهذه الصفات، ومحملاً بأوزار إرث ثقيل، ومشبعاً بقيم الخوف من النظرة الأولى، والارتجاف من ردود الفعل، تجاه أي تصرف يقوم به الطفل.
البيئة الأسرية القامعة، هي بيئة طاردة للأمان النفسي، هي بيئة مقاومة للاستقرار الذهني، هي بيئة، لا تنتج إلا كائنات مهزوزة، لا تقوى على مواجهة الظروف. عندما يخالف الطفل أوامر الوالدين، فهذا لا يعني أنه مجبول على فعل كل ما هو مناقض للمفاهيم المعتادة، وأنه هو يفعل ذلك لأنه يريد أن يفهم لماذا الكبار يفعلون ذلك. ولماذا لا يجرب هو العكس تماماً. الطفل يجب أن نعرف أنه كائن تجريبي بامتياز، وأنه لا يتماهى مع الرتابة، ولا ينسجم مع المعتاد في حياتنا اليومية. علينا أن نتقبل الطفل ككائن جديد، يحتاج إلى التدريب والتمرين على سلوكيات نحن نعرفها، واعتدنا عليها، بينما الطفل يرى في كل سلوك، ما يخالف فطرته، وما يتناقض مع طبيعته، وعليه يجب أن نقترب من هذا الطفل بلطف وحنان وحب. يجب أن نعترف بأنه لا يرتكب الأخطاء عمداً أو عناداً، وإنما يفعل ذلك لأجل التقرب إليها، كونها أشياء غريبة، وغير مفهومة بالنسبة إليه. عندما نصل إلى هذه القناعة، نستطيع أن نمد جسور المودة مع أطفالنا، عندما نكتشف قدراتهم على البحث والتحري، نستطيع أن نمنع عن أنفسنا ذلك الشطط، وتلك الكبرياء المزعومة، ونحمي أطفالنا من الانزلاق في فوهة النار التي نود في داخلنا تجنبها، ولكننا لا نعرف الطريق إليها.
عندما نتلمس جذور العلاقة بيننا وأطفالنا، ونضع الإصبع على ممكن الجرح، نستطيع أن نبني حائط الصد الذي يمنع دخول الهواء الفاسد إلى ضمائرنا، ونستطيع أن نكتشف نقاط الضعف فينا، قبل اكتشافها في أطفالنا. فكل طفل منحرف، أو شاذ، يكمن وراءه والدان أو أحدهما منحرف، وغير قادر على التواؤم مع الحال الجديد، وليس لديه القدرة على بناء الجسر المؤدي إلى المحطة التالية. عندما نرى طفلاً صعلوكاً، لا مبالياً، فيجب أن نلتفت إلى الخلف، ونسأل كيف حال هذا الأب أو تلك الأم، وسوف نلتقي مع أحدهما أو كليهما، وهو في حالة نفسية يرثى لها.
عندما يكسر الطفل طبقاً في المنزل أو يمزق لعبة، فإننا يجب أن نفهم أن في المنزل كائناً كبيراً، مزّق قبله غشاء المودة، وحرمه من الحب، وقمعه، ووضعه في سرب الطيور الهاربة من عبث الرياح. يجب أن نفهم أن وراء الطفل العبثي، كائناً أو أكثر، يعيثون فساداً في وجدانه، ويحرمانه من النظر إلى الأشياء بعين لم تغشها أدخنة الغضب والعصبية، والردع الهمجي. الطفل يحتاج إلى الحب، أكثر من حاجته إلى أي شيء آخر.
الطفل لا يكسر الأشياء، إلا إذا كان في داخله زجاجة الروح مكسورة أو مثلمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توبيخ «2» توبيخ «2»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates