بقلم : علي ابو الريش
عندما تستعيد المرأة مكانتها، وتتبوأ المرحلة كما هي جبلتها، يصبح العالم مثل زهرة اللوتس، تخرج من تحت الطين، متألقة بشذاها، فيذهب الطين وتخلد زهرة اللوتس، ويصير الوجود واحة تتغنى بلحن الحياة، والناي صوت عاطفة جياشة، تخترق غشاء الكون، بإبرة الإرادة، وبعدها تخلع العزيمة وشاح التقوقع، مستمرئة عنفوانها، وشبابها، كأنها أجراس كنيسة واعدة، تلهب العشاب وعياً، وتلهمهم نجاعة، وعندما تستعيد المرأة أنوثتها في زمن يحتاج إلى قوة الجاذبية، يتغير صوت الرياح، ويتحول الصفير إلى همس يتسرب في الآذان كأنه البوح الإلهي في ضمير الأتقياء، وكأنه النفحة الأبدية بين الضلوع.
هكذا نراها بنت حواء، وسليلة آدم، تتمركز في الصلب، كأنها الماء الزلال في العروق، وكأنها النهر بين أعطاف التراب، وثنايا الزهور، كأنها الوعي المخضب بأيديولوجيا العفوية، وكأنها جدارة الغيمة في البث، والنث، والحث، وكأنها رقصة النجمة عند شغاف السماء، وكأنها الحلم المهفهف بين الرموش، وتحت الجفون.
نعم لقد أزاحت الرياح الكثير من الغبار عن الصفائح، وبدت المرايا مثل ما هي عيون الطير. نعم لقد زهق باطل الأوهام، وتعجلت الأيام تصوير الحياة بريشة فنان اسمه الوعي، ولم يعد في الذهنية ما يشي عن كسل أو وجل، أو جفول، لأنه عندما تحقق المرأة إنجازها الفطري، يصبح الوجود صفحة بيضاء من غير سوء، وتصير الحياة البشرية، كأنها الميلاد، ويقول المسيح: (إن لم تولدوا من جديد فلن تدخلوا الجنة)، وها هي المرأة اليوم، تعلّمت من الجائحة، كيف تقود العربة، وكيف تمضي في الحصان، حيث لا مكان غير الأفق الأبيض، ولا جوهر سوى حياة أسرية، تتمتع بأمان واطمئنان، ونفاذ بصيرة، وعقل ثاقب، ويتجاوز الخيوط العنكبوتية، إلى حيث تكمن حقيقة الصحة النفسية، قبل عافية الجسد.
اليوم ونحن لا زلنا في معمعة الوباء، نشعر أن هناك قوة خارقة تعزل عنا الخوف، وتمنحنا السكينة، ودفء المكان، وتهبنا الجسارة، لكي نعبر المحيط من دون خسائر، ولكي نصل إلى الضفة الأخرى، محملين برسائل التفاؤل والأنفة، والثقة، والثبات.
اليوم، والمرأة تتخذ الاحتياطات كافة، وتتآزر بالحلم، تجعلنا نحن أضعف خلق الله، أن نحذو حذوها، ونقتدي بصرامتها، ونسير خلفها، ممتلئين بالفرح، كما أننا مكتنزون بحب الحياة.
اليوم لن تفيد كل الأمصال، واللقاحات، والأدوية، إلا بوجود الحب، لأن الحياة عشق، وتعلق بما هو موجود، وليس أهم من وجود المرأة في كياننا، وبين ضلوعنا، والله يحمي الجميع من قهر الوباء، وكسر النساء.