استخدم العقل ولا تجعله يستخدمك

استخدم العقل ولا تجعله يستخدمك

استخدم العقل ولا تجعله يستخدمك

 صوت الإمارات -

استخدم العقل ولا تجعله يستخدمك

بقلم : علي أبو الريش

العقل زينة، كما يقول عامة الناس، وهذه حكمة رزينة ورصينة، وتدل على تجربة واسعة في استخدام العقل. وهذه الحكمة تتوافق مع قول الفلاسفة، إن العقل كائن ذكي ومخادع فاستخدمه، ولا تجعله يستخدمك.

ما يحدث اليوم من مصائب وخرائب سببها العقل الذي ترك له الحبل على الغارب، ليصول ويجول ويسرب مفاهيمه الخاصة، ويهرب حقائق دامغة، فقط ليثبت أنه هو قائد السفينة، وليس أنت أيها الإنسان، فمثلاً عندما يقوم شخص بتفجير نفسه، ويقضي على حياة المئات من البشر الأبرياء، فإنه يستند إلى عقل ترسبت في جوفه حثالة أفكار، وأراد أن ينفذها، ليثبت أنه يمتلك الحقيقة، وما فعله بالأبرياء هو جزاء لمعارضتهم لتعاليمه وأفكاره، التي يعتبرها سامية، ولا غبار عليها. إذاً العقل المتزمت استخدمك كأداة لتنفيذ الخراب، وأعطاك صك البراءة، كي لا تتردد، ولا تشعر بالذنب، مما ترتكبه من فعل مشين.

فلا أحد ضد العقل، بل إن العقل السليم هو الذي أنتج الحضارة البشرية، لكننا ضد أن يصبح العقل رمانة الميزان في كل تصرفاتنا. العقل ليس كذلك، هو أداة ومعيار الصح، والغلط يحدده الضمير، وإنْ مات الضمير استولى العقل على القيادة، وهو لم تُنَط به رخصة قيادة، تؤهله كي يتحكم بكل تصرفات الفرد.

العقل وسيلة للضمير، يدفعه كيف يشاء، ويستخدمه متى شاء، نحن الآن في هذا العصر نعيش في زمن الإنسان العصابي الذي تقهقر فيه الأنا عن دوره، وأصبح العقل المدفوع من جهة اللا شعور، هو الذي يقود المسيرة البشرية، ما جعل التوائم بين الأنوات، أمراً شبه مستحيل. العقل من دون ضمير، هو مثل باقة الورد البلاستيكية، قد تحمل كل صفات الورد الطبيعي، لكنها تظل غير طبيعية، لأنها تفقد الصفة الأساسية، وهي النمو والنضج.

العقل الراهن هو عقل مصنوع من قيم طينية، هشّة وباهتة، وبلا معنى، وهو يحاول أن يستلب المعنى من اللا معنى، وهنا تقع الكارثة، فهل يحدث الشيء من اللاشيء؟

هذا لا يحصل في الوجود، لأنه لا بد من جذر، حتى تورق الشجرة، وتثمر وتتفرع. العقل الراهن يعيش مرحلة مراهقة، وفي المراهقة مغامرات غير محسوبة، وفي كثير من الأحيان تكون مميتة لصاحبها، ولسواه، واليوم بعد أن وصل العقل إلى ذروة العدمية، كان لا بد من ضمير يصحو، ولا بد من إرادة تترعرع، في وسط هذا الحقل البشري الملغم بعقول فقدت البوصلة، وضلّت الطريق إلى الحياة السعيدة، لا بد من يقظة تزيل الغشاوة عن أعين الذين اتخذوا من الإرهاب وسيلة، لإطفاء الغليل الداخلي، بعد أن شوهوا الدين، واعتقلوا الضمير الإنساني، ووضعوه في كهف النسيان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استخدم العقل ولا تجعله يستخدمك استخدم العقل ولا تجعله يستخدمك



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates