مئوية الأحلام

مئوية الأحلام

مئوية الأحلام

 صوت الإمارات -

مئوية الأحلام

بقلم -علي ابو الريش

عندما تصبح الأحلام زاهية مثل المرايا النظيفة، عندما تصبح الأحلام أنيقة مثل الغزلان، عندما تصبح الأحلام واسعة مثل المحيط، عندما تصبح الأحلام عميقة مثل عيون العاشقين، يكون العالم مثل كف امرأة جميلة، بضاً، غضاً ناعم الملمس، لا توجد فيه جروح، ولا عجرفة. الأموات وحدهم الذين لا يحلمون، لأنهم غادروا مواطن البوح الداخلي، واكتفوا بالجثث الخامدة.

الأموات وحدهم الذين استقالوا من وظيفة الحياة، وحادوا عن طريق التفكير، واستمرأوا النوم الأبدي. وهكذا أيضاً يفضل اليائسون أن يكونوا بلا أحلام، لأن أهدافهم تكسرت عند صخرة الفشل الأول، ولم تعد قادرة على بث الروح في الأشخاص اليائسين.
عندما يموت الحلم، وتذبل أوراقه، وتميد أغصانه، ، وينحني جذعه، وتطير العصافير بعيداً عن الشجرة، يصبح الإنسان بلا غصن وبلا اخضرار، يصبح الإنسان مثل الطير الذي فر عن السرب، وأصبح وحيداً يرسل الصوت إلى الفراغ، وفي الفراغ تضيع نداءات كثيرة، وتغيب إجابات، ويصبح التيه مجالاً للصور الوهمية، الخرافية المفزعة.

الكثير منا يهرع إلى الأطفال مؤنبين وموبخين عندما يعلنون عن أحلامهم، المنافية لواقع الكبار، وهذا الزجر، وهذا الجزر الأخلاقي، يبعث على الجزع في نفوس الصغار، لأنهم يرون في ذلك ردعاً غير مبرر، وبالتالي تجتزئ أحلامهم، عندما يخبئون بعضها عن عين المارة، من الأهل والأقرباء، وشيئاً فشيئاً تختزل الأحلام إلى أن تتلاشى، وبعد حين من الزمن يصبح الصغار كباراً، ولكن من دون أحلام كبيرة، فكل ما لديهم أضغاث أحلام، هي في الحقيقة صور مخيفة للزاجرين، والمؤنبين، والمهيمنين على رؤوسهم، وتستمر الحلقات تدور، وتدور، حتى ينتج المجتمع كتلة صلبة من الخائفين، الذين لا يخطون خطوة واحدة قبل التحري، والدقة، فيما إذا كان هناك شبح أم مضطربة، أو أب خرب، وبين هذا التوجس، وذاك التحسس، يختفي الحلم ويضيع في غابة التوحش الأسري، ويتلاشى الشخص في خضم واسع من الأسئلة المبتورة، وتضيع الفكرة، تضيع الأحلام، وإنسان بلا أحلام، هو كائن مجوف، هو جرس بلا رنين، هو حلم سرقته يد خفية، ومنعته من البروز، ليصير بعد ذلك مجتمعاً بأكمله بلا أحلام، وعندما تجف الأحلام فإن حبر الأمل يصبح باهتاً وبلا معنى، يصبح المستقبل مثل سبورة قديمة شائهة. الأحلام الزاهية هي بستان الزهور، الذي تتعقبه الفراشات، لتلون الوجود بالجمال. الذين لا يحلمون، فقدوا خاصية الإحساس بالجمال. السعي إلى الجمال، هو تحليق باتجاه الغيمة، لأجل المطر الغزير. المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، علمنا كيف نلون أحلامنا بحب الحياة، وكيف نحسب الجمال أنه من إبداع الخالق، العلي القدير. زايد أعزنا بالحب، ولون حياتنا بالجمال.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مئوية الأحلام مئوية الأحلام



GMT 16:40 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر

GMT 16:37 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

من بين الضجيج هديل يثري حياتك

GMT 15:10 2018 الخميس ,23 آب / أغسطس

ديمقراطيون وليسوا ليبراليين

GMT 15:08 2018 الخميس ,23 آب / أغسطس

هداية الاختيار -2-

GMT 15:06 2018 الخميس ,23 آب / أغسطس

عام زايد في النمسا

GMT 17:08 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

"هيونداي i30 " تتحدى مع مقاعد كبيرة وسرعة فائقة

GMT 00:39 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحقق في 3 أشهر فائضاً أولياً بـ 100 مليون جنيه

GMT 10:56 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب فهمي يؤكّد أن "سيرة الحب" تتحدث عن حياة بليغ حمدي

GMT 12:07 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حاتم يقترب مِن إنهاء مَشاهده في فيلم "قصة حب"

GMT 19:02 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

للمرة الأولى فُرص عمل على "الشباب والرياضة" الجمعة المقبلة

GMT 00:15 2016 الأحد ,10 إبريل / نيسان

“النغم الشارد”

GMT 15:52 2013 الإثنين ,12 آب / أغسطس

صدور "فضيلة رائعة في مجموعة قصصية"

GMT 20:09 2013 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

مصرُ تحصدُ جائزتيّن من اتحادِ إذاعاتِ الدولِ العربيّة

GMT 04:42 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

تصميمات حمامات سباحة تناسب المساحات الصغيرة

GMT 12:55 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

مطعم سيروكو من أجمل المطاعم في الهواء الطلق

GMT 18:10 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ورش تعليمية مكسيكية تجذب الأطفال في معرض الشارقة للكتاب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates