ما بين الكلمة والسكين

ما بين الكلمة والسكين

ما بين الكلمة والسكين

 صوت الإمارات -

ما بين الكلمة والسكين

بقلم : علي أبو الريش

أن تقتل إنساناً من دون ذنب، فكأنما قتلت الناس جميعاً، وأن تغتال الكلمة، فكأنك أسكت العقل، ودخلت غابة التوحش، مستلاً سكين الحماقة والصفاقة، وسوء اللباقة. عندما وضع روسو كتابه «العقد الاجتماعي»، كانت الحروب في أوروبا، طاحنة ساخنة، تجوب الضمائر بثقاب الحقد والكراهية ضد الآخر. ولكن لما جاء هذا الفيلسوف الذي وضع العقل في مقام النجمة التي

تضيء سماء العالم. وقال إن الرواسب مفسدة للعقل. والآن وبعد أكثر من مائتي سنة من الثورة الفرنسية على الكبت والتزمت، وبعد أن خرجت أوروبا برمتها من عقدة الظلام، يأتي من يخاطب الآخر، بالرصاصة والسكين، حاقداً، ناقماً، محتقناً، مترسباً عند نقطة التجمد. لماذا؟ لأن هؤلاء الأشخاص اعتنقوا فكرة أنا ومن بعدي الشيطان، هؤلاء فاتهم قطار الوعي، فتعلقوا في

ذيل عرباته، ما جعلهم يرفسون ويطوحون ويطيحون، ويخرجون من عالم الوعي إلى عالم اللا وعي، الأمر الذي يجعلهم مثل نتوءات وخازة في الجسد الإنساني، إنهم الصدأ الذي لحق بالمجتمعات، ولابد من إزالته، ولابد من السعي حثيثاً نحو الجيل الجديد، لإنقاذه من براثن الغيبوبة، ومن عفن الجهل، ومن قذارات أفكار ما قبل التاريخ.. من يقتل، فهو عاجز عن الحوار،

ومن يقتل يعاني عقدة نقص في تاريخه الشخصي، فعندما ينبري مدافعاً عند عقيدة معينة، فإنما هو يحاول أن يمحو مركّب نقص لحق به ولا يعرف كيف يبرئ نفسه إلا بانتهاج وسيلة القتل، وكأنه يدافع عن عقدة كمنت في ذاته وأصبحت الورق اللاصق، يحاول إزالته بحيل دفاعية مرضية، بغيضة، يذهب ضحيتها أناس أبرياء، لا ذنب لهم، سوى أنهم اختلفوا، وامتلكوا فكرة مغايرة.
فالقاتل لا يستطيع أن يحاور بل يناور، ويغامر، ويقامر، لأن ما يحركه هو عقل باطن مشحون برواسب مرضية أرهقته وتعبت نفسه، وهيضت جناحه، فأعجب عندما يقدم وحش بشري على قتل إنسان، وقبل أن يرتكب جريمته، فإنه يطلق التكبير عدة مرات، وكأنه أمام كائن غير بشري، هذه التكبيرات تفصح عن شوائب العقل، وتناقضاته وجهله في التفسير والتحليل الديني، وهو

في المحصلة النهائية، نابع من فكر مشوش ومشوه، غشته حزمة مفاهيم لا تمت إلى الحقيقة بصلة ولا علاقة لها بالدين، بل هي جزء من ذات الشخص، وشيء من كله المتهالك الضعيف المريض.
فمن يقتل، جاهل حتى النخاع، والمواجهة الاجتماعية يجب أن تبدأ من صفر العقل حتى درجاته القصوى، والتربية الأخلاقية والدينية هي الأساس لقطع دابر القتلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بين الكلمة والسكين ما بين الكلمة والسكين



GMT 09:41 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أحلامهم أوامر

GMT 14:07 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

العربية هي الأرقى

GMT 14:04 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

في معلوم السياسة في مجهول الكياسة

GMT 22:27 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبراج الإمارات السعيدة

GMT 21:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

في يوم العيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates