استسلام

استسلام

استسلام

 صوت الإمارات -

استسلام

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

يظن بعضهم أن في الاستسلام هزيمة، وانكساراً، واندحاراً، وخواراً، ومغادرة نهائية للظفر بحياة ناجحة. فكرة جهنمية أسقطت في العقل البشري، فتبناها، وعاش على أثرها يمضغ خرافة عدم الاستسلام. في الحكاية القديمة، جيئ برجل، إلى القاضي مغلولاً بالأصفاد، متهماً بقتل ابن جاره. ولما وجه إليه القاضي تهمة القتل، ابتسم الرجل وقال بلهجة هادئة أحقاً، وقبل بالأمر الواقع. ودخل السجن.
ولكن بعد مضي زمن على دخوله السجن، برز القاتل الحقيقي، ولما أعلن القاضي براءة الرجل، نطق الكلمة نفسها قائلاً أحقاً؟ إنها حالة الاستسلام الإيجابية التي تغنيك، عن المراوغة، والاحتجاج الذي لن يؤدي إلا إلى المزيد من المتاعب، والمهالك. قد نجد في مثل هذه المشاعر، ما يفيض بمقتنا للاستسلام، واعتباره ظاهرة سلبية، مريعة، ومقززة.
ولكن ماذا عن استسلام بلد مثل اليابان، في الحرب العالمية الثانية، وقبول إمبراطورها الخضوع للضابط الأميركي واعتبار الهزيمة أمراً واقعاً، ولا مجال للمكابرة؟ إنها الحالة الاستثنائية الفريدة، التي أوصلت اليابان إلى مقدمة الدول الصناعية، وكأكبر اقتصادات العالم، في العصر الحديث.
عندما تهزمك الظروف، فلا يعني أنك لا تملك أسلحة النهوض مرة أخرى، والخروج من عنق زجاجة الهزيمة، المهم أن تقوى على الواقع، وتهزم الخداع البصرية، لتعود مرة أخرى من تحت الأنقاض، مثل ما ينهض الجمر، من تحت الرماد.
الخديعة الكبرى، هي أن ترفض ضعفك في اللحظة ذاتها، وأن تغامر بقدراتك الضعيفة في تلك اللحظة، فتخسر كل ما لديك من قدرات.
الصدق هو سيد المواقف، وهو النقطة التي منها تستطيع إكمال الجملة وتستطيع كتابة العبارة المفهومة، والدالة على إمكانيتك في إيصال المعنى.
نحن نقع في شراك الخدعة البصرية، عندما نعتقد أن الاستسلام، فضيحة، وأن القبول بالأمر الواقع جريمة، وأن الزمن هو لحظة الانتصار على الواقع.
هذه معضلة بشرية لم تحل معادلتها لأن البشر استسلموا للخدعة، ولم يتقبلوا الأمر الواقع. نحتاج إلى عقل، غير العقل الذي نحمله في رؤوسنا، كي نتقبل تغيير الكثير من الأكاذيب التي صنعناها بأيدينا، وصدقناها وذهبنا في الحياة، بحزمة من الأوهام، ومن دون مبالاة بما تؤول إليه حياتنا من فشل ذريع في صياغة مستقبلنا.
لو تخيلنا كم ستخسر اليابان، لو راوغت، ورفضت الاستسلام، مع وجود القوة الطاغية للطرف الآخر.
لو تخيلنا ذلك، سنعرف، مدى ما للاستسلام من قوة رادعة لأي هزيمة، قد نتلقاها، في عدم الاستسلام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استسلام استسلام



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates