في رمضان 2

في رمضان (2)

في رمضان (2)

 صوت الإمارات -

في رمضان 2

بقلم : علي ابو الريش

في رمضان كل الجوارح، تسكن وتركن ولا تحن، إلا القلب وحده الذي يصحو وينهض من تحت ركام الأيام ونفايات الزمن، ويطرح أسئلته الوجودية، ويفتح نافذة علامات الاستفهام، ليرى ماذا يخبئ الصوم الطويل تحت غشاء غيمته، ويمضي في الأسئلة، يمضي في السفر البعيد نحو غايات الكون وما يفشيه من أسرار وأخبار وأسبار، وماذا يكون للصوم من فعل وقول في الذات.

قي رمضان، تحتفي النفس المطمئنة بهذا الملكوت الواسع الشاسع، الممتد في الروح والجسد، الممهد في ثنايا العقل، البعيد القريب من القلب، الناهل من صبابات موغلة في الأعماق والأغوار والأدوار، كل ذلك يحدث ونحن ما زلنا نبحث عن مكان في الأرض، كل ذلك يحدث ونحن نسأل عن كينونة غابت من أمد بعيد، في معمعة التحليق في فضاءات أبعد من السماء أقرب إلى الأرض، لا نعلم من أن القلب وحده الأقرب إلى الله من أي عقل مهما بلغ من عبقرية وجبروت وقوة خارقة.
في رمضان، يبدو أن القلب هو القرطاس، والقلب، وهو النون وما يسطرون؛ لأنه المضغة الأولى التي تحركت باتجاه النشوء والارتقاء قبل العقل، قبل ما سطرته العبقرية العقلية، القلب وحده الذي جاء من الفطرة من غير معارف ولا نظريات، القلب الذي جاء من كينونة الفطرة، صنع إمبراطوريته العظمى من دون ضجيج أو عجيج، القلب وحده منح الإنسان القدرة على الحب ليحتوي العالم من دون أنياب ولا مخالب، فقط كل ما فعله هو أنه مد الظل نحو المشاعر وأعطاها قدرة الانتماء إلى الطبيعة، ونحن جزء من هذه الطبيعة، نحن من وإلى هذا المخلوق العملاق الذي نطلق عليه اسم الكون.

في رمضان تنهض تجليات الروح، وتذهب إلى النهر لتغتسل من غبار السنوات، وتتطهر من سعار حروبنا السياسية، وصراعاتنا الأيديولوجية، ونكباتنا التاريخية، وأوهامنا وأحزاننا، وبكائياتنا، وخيالاتنا التصورية.

في رمضان، ربما يكون الضوء أكثر إسفاراً، والصفحات التي لطخناها بالأسود الدامس أكثر وضوحاً، والكلمات المغلفة بالغموض أكثر فصاحة وبلاغة، لأن رمضان لا يقبل القسمة على ثلاثة، هو واحد في صفائه، ونقائه، وعبقريته، في رفع الفاعل ونصب المفعول به، هو هكذا رمضان يأتي من زمننا الجميل، لا يكل ولا يمل عن الإفصاح عن مكنونه، وعن التبيين من دون تضمين، إنه شهر البيان والاستبيان، وكشف الحساب لمن يريد أن يفتح دفاتر الزمن من دون هروب إلى الأمام، وهو مغمض العينين، وزم الشفتين، وتحجيم قدرة الأذنين.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في رمضان 2 في رمضان 2



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates