المسؤولية مثل الحرية

المسؤولية مثل الحرية

المسؤولية مثل الحرية

 صوت الإمارات -

المسؤولية مثل الحرية

بقلم : علي أبو الريش

أينما توجد الحرية، تكون المسؤولية في صميمها، وأينمَا توجد المسؤولية تكون الحرية عنوانها العريض، فلا يمكن فصل الشجرة عن التربة، كما لا يمكن أن تعيش السمكة خارج الماء، والسير على الرمال تحت لظى الشمس، قد يحرق الأقدامَ ويطيح بشغف الفرد بالحياة. حاول الفلاسفة والمفكرون فك الارتباط بين توأم الحرية والمسؤولية، بناء على مقتضيات عصور الكبت والالتزام الإجباري بمسؤوليات التاريخ والوظيفة الاجتماعية، وتحت هذا السياق الفوضوي، انهارت جدران، وسقطت سقوف، بارت منازل، مادت الأرض تحت أقدام من تصوروا أن الحرية من الممكن أن تعيش خارج المسؤولية، أو أن المسؤولية في حد ذاتها جديرة بأن تعلي من جدران الحياة، وتمنع عنها دخول الغبار، وتساقط ريش الطيور المتحاربة في الفضاء.
كل ذلك أصبح مجرد فتاوى شيطانية، الهدف منها إخراج العقل من مضمونه في حالة التخلي عن المسؤولية، أو تفريغ الروح من هوائها النقي في حالة كبت الحرية.
الحرية والمسؤولية مثل قطبي المغناطيس، فلا يمكن أن يكون المغناطيس مغناطيساً، من دون قطبيه اللذين يشكلان محتواه ويؤصلان علاقته بالجاذبية الطبيعية. لو تخيلنا مدينة في هذا العالم أحاطت حدودها بسياج ومنعت حتى دخول الهواء إلى سكانها، فكيف سيكون شكل هذه المدينة، وكيف هم سكانها الذين يعيشون بين الأسوار المنيعة؟ كما لو تصورنا مدينة أخرى، تركت النوافذ مفتوحة على آخرها، دون صد أو رد، وعاش سكانها كما هو القطيع في الصحراء، أو كما هي المخلوقات في الغابة، ماذا سيحدث للسكان؟ وكيف سينجزون حياتهم، وهم بلا قانون يحدد مستوى العلاقة بين الأفراد، ويضع حدوداً للمسؤوليات؟، هذه هي أسئلة الوجود الذي نحن فيه، وعليه تترتب خطة البشر في ممارسة الحياة، ومهما بلغ الأمر في الفكر الإنساني من شطط أو مغالاة في الكبت، أو في الفوضى، فلا يبقى غير المنطق، وسبر المنطق يقول إن الحرية قلب المسؤولية النابض، والمسؤولية روح الحرية التي تمنحها البقاء من دون شتات أو عرقلة. الكثير من الناس اتخذوا الحرية كالسباحة في المحيط، فغرقوا، وأغرقوا، وتاهت طرائقهم في ظلمات وأمواج هائجة، والبعض من الناس خافوا الحرية، فأغلقوا الأبواب، ودخلوا الغرف المعتمة، وبقوا في هذا السجن الاختياري، ولم يروا من الحياة سوى جدران صمّاء، وسقوف خفيضة موحشة، وفي الحالتين، يصبح العقل هو الطائر مقصوص الجناح، فهو لا يطير ولا يمشي، هو في العثرات كائن ضئيل.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسؤولية مثل الحرية المسؤولية مثل الحرية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 03:31 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 صوت الإمارات - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 03:47 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 صوت الإمارات - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 صوت الإمارات - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"

GMT 03:14 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير علاج عن طريق الفم لكورونا ينتظر الموافقة عليه

GMT 07:35 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

تقارير تكشف أن الذئاب تستعد لغزو "العالم المتقدم"

GMT 01:10 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

طيران الإمارات تتوقع 5 ملايين مسافر في 18 يومًا

GMT 13:07 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

صابرين تروي قصة فشلها في تأسيس وإدارة المشروعات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates