لغة تحتضر وأخرى تنتصر

لغة تحتضر وأخرى تنتصر

لغة تحتضر وأخرى تنتصر

 صوت الإمارات -

لغة تحتضر وأخرى تنتصر

بقلم : علي أبو الريش

يقولون إن لغتنا العربية تعاني من إهمال واستسهال، وغرباء يقولون ويولولون، ويضربون الكف بالكف، حسرة على ضياع لغة الضاد على شفاه مرتبكة، تخلط ما بين الملح والسكر، وتريد أن تصنع عصيراً من عنب وحنظل.
يجب ألا نستغرب من عجين الطين والتين، لأن ما يحدث في العالم من لهاث استهلاكي، وركض، ورض، وفض، ومض، وحض، يجعل من الثوابت تذوب في معمعة وخضم، وتمضي الجياد نحو اللامعنى، وتصب مياه الأنهار في اللامعقول.
كل شيء يبدو مثل فوضى النمل، عندما تشعر هذه الكائنات بعصف ريح عاتية، عندما يداهمها خطر المباغتة. لا ينبغي أن نفرق بين حياة الناس في استهلاك ما يستخدمون، وما يلبسون وما يأكلون، وبين الإحساس بقيمة ما ينتجونه، وما يستهلكونه من ثقافة، فكل ما يحيط بالإنسان من متطلبات حياة، بدءاً من الطعام وانتهاءً باللغة، فهي جميعاً ترتبط بالذائقة الشعورية، فعندما لا يهتم الإنسان بما يأكل، ويعتمد على الآخر الذي يحدد له ذائقة الطعام والملبس، فإنه من الطبيعي أن يجد نفسه واقعاً تحت طائلة الاتكالية والاستهلاكية، وهو ما يجعله بلا إرادة الاختيار، فعندما لا يجد الشاب ما يلزمه باحترام الثوابت، فما الذي يرغمه على الالتزام؟
نحن نسينا أشياء كثيرة، وتجاوزناها تحت شعار التطور، ومن هذه الأشياء هي ثقافتنا، وهي لا تستقيم إلا بقوامة اللغة عليها، لأنها هي الوعاء الحامل لهذه الثقافة، وهي النهر الذي يسقي نخيلها ويروي عشبها.
الآن ونحن نمضي بسرعة البرق، باتجاه القماشة المثقوبة بإبر لغات، وأحياناً «رطنات» حادة وسامة، لا ينبغي أن نتباكى على القماشة المثقوبة، وإنما يجب أن نلتفت إلى الإبر، وننقي الثوب من الدنس، وننظف النهر من الطحالب والأعشاب الشائكة، وبعدها تحضر اللغة.
خلاصة الكلام، ضعف اللغة جاء من الهروب من المسؤولية الثقافية والثقافة تشمل كل ما يمت لحياتنا بصلة، ولا تنفصل متطلبات الحياة عن بعضها، لأن الحياة دائرة والثقافة مركزها واللغة محيطها، علينا أن نعيد النظر في علاقتنا بالحياة التي تسرَّبت من بين أصابعنا لأسباب تخص وعينا بأهمية الحياة، وعندما نهتم بالحياة وما تخفيه في حقيبتها، نكون قد أنجزنا مشروعنا الحضاري، مع احترامنا للآخر الذي نريده أن يحترمنا، ونحن نضم حروفنا الهجائية بين جوانحنا من دون نقصان أو نسيان.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لغة تحتضر وأخرى تنتصر لغة تحتضر وأخرى تنتصر



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"

GMT 03:14 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير علاج عن طريق الفم لكورونا ينتظر الموافقة عليه

GMT 07:35 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

تقارير تكشف أن الذئاب تستعد لغزو "العالم المتقدم"

GMT 01:10 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

طيران الإمارات تتوقع 5 ملايين مسافر في 18 يومًا

GMT 13:07 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

صابرين تروي قصة فشلها في تأسيس وإدارة المشروعات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates