العصبية عصاب قهري «1»

العصبية.. عصاب قهري «1»

العصبية.. عصاب قهري «1»

 صوت الإمارات -

العصبية عصاب قهري «1»

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

العصبية إلى دين أو ملة، أو طائفة، أو لون، أو عرق، أو مكان، هي في نهاية الأمر ليست إلا عصاب قهري يمسك بتلابيب النفس، ويحكم قبضته على العقل، ويجعله في سجن الأنانية وحشاً مغلولاً بأصفاد الحقد والكراهية.
لقد شهد العالم أمثلة بالغة الصعوبة لمثل هذه العصبيات التي كللت الحياة، بقبعات سوداء قاتمة، ومعتمة، ومظلمة، وجعلت من الإنسان العصابي كائناً محصوراً في فكرة غامضة، وضارية، لا تقبل بالآخر مهما كانت سجيته، ومهما كانت فكرته.
العصابي يغوص في عصبية مغلقة، وعميقة الجذور وترجع في تاريخها إلى طفولة محرومة من الحب، وضيقة الوعي، لا ترى أبعد من أخمص القدم.
العصبية هي الدائرة الصغيرة، والأصغر من بؤبؤ العين، تكون مغشاة بسحابة داكنة، لا تجعل المتعصب يقبل بأقل القليل، ولا بأكثر الكثير، إنه كائن يمضي في الحياة منعزلا، منكفئاً، منكوياً بنار عزلته، ولا يرى في الحياة غير اللون الواحد، والعرق الواحد والدين الواحد، والمكان الواحد.
كل المتعصبين هم مخلوقات فرت من قسورة الخوف الذهني، الخوف المتعلق بالصور الخيالية الوهمية، الخوف القادم من مراحل مبكرة من الحياة، خوف زرعته أفكار موروثة، خوف نبع من فكرة خاطئة، قذفها شخص أناني في جوف المتعصب، وصارت الفكرة ناقوس الخطر الذي يدق في أذهان المتعصبين، ويهيئ لهم كل ما هو مخيف، وبغيض، ومرعب، مما يجعلهم لا يطمئنون إلى أقرب المقربين.
العصبية هي جمرة خرجت من موقد العصاب القهري، وصيغت بفعل فاعل على أنها الحب لدين، أو ملة، أو جهة، وهذا ما يجعل المتعصب قابضاً على الزناد، ومتأهباً للقتل والفتك، والقضاء على كل من يخالف العرق أو الدين، أو حتى اللون.
في الوطن العربي تزخر الأرض بمثل هذه العصبيات، وتمتلئ بغثيان هذه الإثنيات الأليمة، وتطفح بزبد من يصورون العصبية بأنها ولاء، وأن العصاب القهري انتماء، وأن التمحور حول الدائرة الصغيرة حب، وتفان، وتضحية.
الحب للدين أو المكان لا يناقض حب الآخر، ولا يعادي الاندماج في الكون، كوحدة وجود، مثلما هي أغصان الشجرة الواحدة يشد بعضها بعضاً.
لقد خدعنا العصاب القهري، وسول لنا أن الحب هو التمحور حول الذات، والذهاب بالحلم إلى مناطق شائكة لا زرع فيها، ولا ضرع. لقد أوهمنا العصاب القهري أن الحب هو أن تقف عقبة في طريق التواصل مع الآخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العصبية عصاب قهري «1» العصبية عصاب قهري «1»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates