بقلم : علي أبو الريش
مثل بستان، الفراشات تحط رحالها عند أجمل زهوره، والعطر منثور على أجنحة الأحلام الواسعة، هذه هي الإمارات، العالم هنا يستجم، وينسجم، ويلتحم، ويلتئم، ويلثم شفاه القصيدة، ليمضي إلى الحياة متخففاً من أعباء أزمنة، وتشققات أمكنة.
الإمارات هي السماء الصافية، نجومها بشر آمنوا بأن الحب أكسير الحياة وأن التآلف بين البشر، هو الوسيلة الوحيدة، لبقاء شجرة الحياة سامقة، لا تشوبها أوراق صفراء، ولا تحدها الغرابيب السود.
الإمارات بقناعة الرجال الأوفياء، بأن توحيد الكلمة من وحدة الوجدان، وعندما تمضي الجياد باتجاه الحياة، لا بد من شعاع ترسمه خيوط الشمس، كي تستدل على العشب، كي تصل إلى موارد البلل.
الإمارات اليوم، مثل ساحل بحري أزرق ينام على مخدع الهدوء والطمأنينة، تؤمه الطيور من أصقاع العالم، تطلب النقاهة، وتصبو إلى هواء نقي بلا نفايات تاريخية، الإمارات اليوم مثل شبهانة السلع، هي في التاريخ جذر راسخ، وهي في قلوب الناس، بخور للذاكرة، هي في المعنى والدلالة ظل، وخل، وجلال وجمال، وهي كل الاحتمال، هي اللغة العالمية التي تتحدثها كل الألسن، هي البلاغة تلهج بها الشفاه، هي نبوغ التسامح، وعبقرية الوصول إلى الآخر، من محسنات بديعية، هي بالفطرة تكون هناك في كل مكان، ويكون العالم يسكن التضاريس، فلا يجد ما يؤرق، أو يمزق، الخطوات هنا تمضي على سطح الماء، والعيون، تحدق في جغرافيا، أشبه بالسماء، والقلوب، كأجنحة الطير، ترفرف، في فضاءات، نقية ومن غير سعار.
الإمارات بفضل من رتب البيت وهذب الشجرة، ومنح للماء العذوبة، ولون الصحراء بالأخضر، وألهم النوارس حسن التغريد، وأعطى الموجة سماحة الوشوشة، بهذه المعطيات الجليلة أصبحت الإمارات طريق الحرير، ومكمن أحلام الطير والبشر والشجر، حيث يكتب التاريخ من هنا، وينسج مخمل ملاحمه من حبات هذا التراب، ومن هضاب الصحراء، ووهادها، ومن هنا تبدأ الحكاية، وتقرأ الرواية، من هنا روت الصحراء عن يوم ناخت النوق على كثيب خضيب، ونظرت إلى الأفق، فرأت شعاعاً ينبثق من بين فلذات الشمس، ثم يرخي سدوله، لينتهي شوق العالم عند واحة اسمها الإمارات.
من هنا تفتحت زهرات الزمن، لتنثر عطر الحياة ولتنمو أشواق الناس من دون غبن ولا شجن، إنها الأشواق التي ترتوي من النهر. نقلا عن الاتحاد